فصل ـ [٣]
«في ذكر أقسام أفعال المكلف»
أفعال المكلف (١) * إذا كان عالما بها ، أو متمكنا من العلم بها ، وهو غير ساه عنها ، ولا ملجأ إليها (٢) * ، لا تخلو من أن تكون حسنة أو قبيحة ، وإنما قلنا ذلك لأن فعل الساهي والنائم لا يوصف بذلك.
وقال قوم : يوصف بذلك إذا كان فيه جهة الحسن أو القبح.
فالحسن على ضربين :
ضرب منه : ليس له صفة زائدة على حسنه ، وذلك يوصف بأنه مباح ، إذا دل فاعله على حسنه ، ويوصف ـ أيضا ـ في الشرع بأنه حلال وطلق وغير ذلك.
__________________
(١) * هذا يشعر بأن المقصود بيان أقسام الحكم الشرعي دون العقلي ، وحينئذ يراد بالمدح والذم ما يساوق الثواب والعقاب الأخرويين ، فإنه لا تخصيص للحكم العقلي بفعل المكلف ، لجريانه في أفعال الصبيان المراهقين ونحوهم.
(٢) * ليس المراد بالإلجاء ما تجري فيه التقية ونحوها ، فإنه قد يكون واجبا كما اشتهر من جواز أكل الميتة في المخمصة ، وقد يكون محضورا كما في ارتكاب الدم المعصوم ، بل المراد ما يكون فعل العبد معه صادرا عنه بالإيجاب المحض أو تابعا لداع موجب باعتبار مجامعته مع أمر خلقي أو نحوه حاصل من غير العبد فيه يمنع المجموع من الترك ، فإنه حينئذ فعل اضطراري شبيه بالاختياري ، وليس من شأنه أن يتصف بالحسن والقبح ولا يصح التكليف به.