وفي الأفعال ما يوجب على فاعلها أحكاما ، وذلك على أقسام :
منها : قولهم «إن الصلاة باطلة» ، فمعناه أنه يجب علينا (١) إعادتها.
وقولهم : «إن الشهادة باطلة» أنه لا يجوز للحاكم تنفيذ الحكم عندها ، وإذا قالوا : «إنها صحيحة» معناه أنه يجوز تنفيذ الحكم عندها.
وقول من قال : «إن الوضوء بالماء المغصوب غير جائز» أنه يجب عليه إعادته ثانياً بماء طلق ، وعند من قال : «إنه جائز» معناه أنه وقع موقع الصحيح.
وقولهم : «إن البيع صحيح» معناه أن التمليك وقع به ، وقولهم : «إنه فاسد» خلاف ذلك ، وأنه لا يصح التملك به ، ولا استباحة التصرف به.
وهذه الألفاظ إذا تؤملت رجع (٢) معناها إلى ما قدمناه من الأقسام ، غير أن لها فوائد في الشريعة تكشف عن أسباب أحكامها.
فهذه الجملة كافية في هذا الفصل.
وإذ قد بينا ما أردناه من حقيقة العلم ، والنّظر ، والدليل ، وصفة الناظر ، وغير ذلك ، وحقيقة الأفعال ، فلا بد من أن نبين حقيقة الكلام ونشرح أقسامه ، وما ينقسم إليه من حقيقة أو مجاز.
ثم نبين الأسماء اللغوية ، والعرفية ، والشرعية ، وكيفية ترتيبها.
فإذا فعلنا ذلك بينا صفات من يصح أن يستدل بخطابه ، ومن لا يصح.
ثم نشرع فيما ذكرناه من ترتيب الأصول على ما قدمنا القول فيه إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) عليه.
(٢) يرجع.