وإن كان الفعل يحتاج إلى العلم فلا بدّ من حصوله في حال وقوع الفعل ، فإن كان العلم من فعله مكّن قبل ذلك من سببه بأوقات يمكنه تحصيل العلم فيها في حال الفعل.
وإن كان يحتاج إلى نصب الأدلّة نصبت له لينظر فيها فيعلم ما كلّف.
وإن كان محتاجا إلى آلة مكّن منها ، فإن كانت محلا للفعل مثل اللّوح في الكتابة والسّكّين في القطع وغير ذلك ، أو ما يكون في حكم المحل مكّن منها في حال الفعل.
وإن كانت الآلة ممّا يحتاج إلى تقدّمها مكّن منها قبل الفعل مثل القوس في الرّمي.
وإن كان الفعل يحتاج إلى آلة (١) في حال الفعل وقبله ، مكّن منها في الحالين على ما قلناه في السّكّين في القطع وغير ذلك.
وإن كان الفعل يحتاج في إيقاعه على وجه إلى الإرادة (٢) مكّن منها ، ولا يصحّ منعه منها عند من قال بالإرادة (٣).
وما يحتاج إلى النّظر والسبب فلا بدّ من تمكينه منهما.
ومن شرائطه أيضا اللازمة : ألّا يكون ملجئا إلى ما أمر به ، لأنّ من هذه صفته لا يحسن أمره (٤) ، ألا ترى أنّه لا يحسن أن يكلّف الإنسان أن لا يقتل نفسه لأنّه ملجأ إلى
__________________
لا قبله.
(١) الآلة.
(٢) المقصود من هذه الإرادة الّتي يريد المكلّف بها إيقاع الفعل المأمور به على وجه هي الاختيار ، والّذي قد يعبّر بها عن المعنى الّذي يكون المكلّف قاصدا لأحد الضدّين ، أي انّه متمكن من الفعل وضدّه ـ كما صرّح بهذا المعنى الشّيخ المفيد (ره) ، انظر : «أوائل المقالات ١١٣ ـ ١١٢».
(٣) قال الشّيخ المفيد (ره) (أوائل المقالات : ١١٤) : «لقد أطلق بعض أهل النّظر من أصحابنا أنّ الإرادة مرادة بنفسها ، وعنى به أفعال الله تعالى الواقعة من جهته واختراعه وإيجاده ، لأنّها هي نفس إرادته وإن لم تكن واقعة منه بإرادة غيرها ... وهذا مذهب أبي القاسم البلخي ، وكثير من البغداديين قبله ، وجماعة من الشّيعة ، ويخالف فيه آخرون منهم ومن البصريّين ، والمجبّرة كافّة».
(٤) قال الشّريف المرتضى (ره) (الذريعة ١ : ١٦٨) : «لأنّ بالإلجاء يلحق الملجأ بالممنوع ، ومع فقد تردّد