الأداء ، فكذلك القول هاهنا.
ولا بدّ أن يكون القديم تعالى عالما بأنّ المكلّف يفعل ما امر به ولا يعصيه فيه (١) ، أو يكون في ذلك لطف للغير إن علم أنّه يعصي ، على ما نقوله في قبح تكليف من علم الله أنّه يكفر إذا لم يكن فيه لطف للغير.
ومن خالف في ذلك لم يشترط هذا الشّرط (٢).
ومن النّاس من شرط في حسن أمر الله تعالى ألّا ينهى عنه في المستقبل ، ومنهم من لا يشترط ذلك ، ونحن نبيّن الصّحيح من ذلك في باب النّاسخ والمنسوخ إن شاء الله.
وأمّا الصّفات الّتي يجب كون المأمور عليه فهي :
أن يكون متمكّنا من إيقاع الفعل على الوجه الّذي امر به (٣) ، فإن كفى في ذلك مجرّد القوّة (٤) اقتصر عليه وفعلت فيه قبل الفعل بحالة واحدة ، أو قبل ذلك بأحوال (٥).
__________________
(١) هذا الشّرط بناء على مذهب العدلية من أنّه تعالى حكيم وعالم بما يكون ، فيعلم بقدرة المكلّف على إحضار المأمور به ، وأنّه لا يعصيه فيما إذا أمره به ، فيأمره بذلك ، وأمّا بناء على مذهب الأشاعرة وأهل الحديث فإنّه ليس عندهم شرط كون الآمر الحكيم آمرا وناهيا وجوب إتيان المكلّف بالمأمور به أو وجوب امتناعه عن المنهي عنه.
(٢) المخالفون لهذا الشرط هم المجبّرة من الأشاعرة ، وأهل الحديث ، وقد وافقهم في نفي هذا الشّرط الشّريف المرتضى (ره) انظر : «الذريعة ١ : ١٦٦».
(٣) انظر التعليقة رقم (١) صفحة ٢٤٥ ، وراجع أيضا : «الذريعة ١ : ١٦٩».
(٤) القدرة.
(٥) لا خلاف عند أعيان الأصوليين والمتكلّمين أنّ المأمور لا بدّ أن يكون متمكّنا من إتيان الفعل المأمور به حين توجّه الوجوب إليه ، وذلك بأن يكون قادرا عليه من حيث الأسباب وعالما به ، أو يكون سبب العلم حاصلا وقائما عنده. ولكنّهم اختلفوا في كيفيّة القدرة ، فإنّ العدلية ـ الإماميّة والمعتزلة ـ على أنّ المقصود من القدرة هي القدرة الحقيقيّة ، ويشترطونها سابقة على الفعل حتّى يقع التكليف عليها ، إذ لولاها يكون التكليف متوجّها إلى العاجز. وأمّا الأشاعرة فلا يشترطونها لأنّها لا تحصل عندهم إلّا عند إحضار الفعل وأداء التكليف