فإن قالوا : هذا خلاف الإجماع ، لأنّ الأمّة كلّها تقول : إنّ كلّ صلاة لها وقتان فلا يفصّلون هذا التفصيل.
قيل له : هذا إجماع مدّعى (١) ، لأنّ من خالف في هذا يخالف فيه ويرجع في ذلك إلى الروايات الصّادرة عن أئمة الهدى عليهمالسلام.
ومتى نصرنا المذهب الآخر فالمعتمد فيه على ظاهر الأمر ، وأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن لكلّ صلاة وقتين وقال : «ما بينهما وقت» (٢) ولم يفصّل ، فينبغي أن يكون مخيّرا فيها ، ويقوّى ذلك بأخبار كثيرة وردت عن أئمّة الهدى عليهمالسلام متضمّنة لذلك وتعارض تلك الأخبار.
والكلام في تعيين هذه المسألة كلام في فرع ، والّذي ذكرناه أوّلا كلام في الأصل فلا ينبغي أن يخلطهما جميعا (٣).
ويمكن أن ينصر المذهب الأوّل في الصلوات بأن يقال : إنّ الاحتياط يقتضي أداءها في الأوّل ، لأنّه إذا تناول الأمر ذلك والأخبار تقابلت في جواز تأخيرها عن أوّل الوقت والمنع من ذلك ، فينبغي أن يتعارض ويرجع إلى ظاهر الأمر في وجوب الصلاة في الوقت الأوّل.
فإن قيل : لو كانت الصّلاة واجبة في أوّل الوقت لا غير لكان متى لم يفعل فيها استحقّ العقاب ، وأجمعت (٤) الأمّة على أنّه لا يستحقّ العقاب إن لم يفعلها في أوّل الوقت.
فإن قلتم : إنّه سقط عقابه.
__________________
(١) أي إنّ هذا الإجماع منقول ـ وليس بالإجماع المحصّل ـ ولا حجيّة فيه.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٥٢ ح ٣٨ ، ٢ : ٢٥٣ ح ٤٠ ، الإستبصار ١ : ٢٥٧ ح ٤٩ ، ١ : ٢٥٧ ح ٥١.
(٣) وقد تعرّض الشّريف المرتضى (ره) (الذريعة : ١ ـ ١٥٩ ـ ١٥٨) إلى هذه المسألة الفرعيّة وأطال فيها ثمّ اعتذر عن الإطالة فيها بقوله : «وليس لأحد أن يعيبنا بتشعيب هذه المسألة والخروج منها إلى الكلام في الفرع ، لأنّ قصدنا إنّما كان إلى إيضاح الأصل بهذا التفريع ، فربّ فروع أعان شرحها على تصوّر الأصل»
(٤) اجتمعت.