وأمّا المقلّد (١) * : فإن كان يحسن الظّن بمن قلّده (٢) * فهو سيظنّ أنّ الأمر على ما قلّده فيه.
وإذا قلّد من لا يجوز عليه الخطأ ، فكذلك لا يجوز كون ما قلّده فيه على خلاف ما قلّده.
وإذا قلّد من لا يقوى في ظنّه حال ما قلّده فيه ففارق الظّن ، لأنّ ذلك يكون قد سبق إلى اعتقاد لا مزيّة لكونه على ما اعتقده ، أو على خلافه (٣) ، فقد فارق حال الظّن.
وأمّا الشّاك : فهو الخالي من اعتقاد الشّيء على ما هو به ، ولا على ما هو به مع خطوره بباله ، وتجويزه كلّ واحدة من الصِّفتين عليه.
وأمّا الدلالة : فهي ما أمكن الاستدلال بها على ما هي دالة (٤) عليه ، إلّا أنّها لا تسمّى بذلك إلّا إذا قصد فاعلها الاستدلال.
وإنّما قلنا ذلك لأنّ ما لا يمكن الاستدلال به ، لا يكون دلالة ، ألا ترى أنّ طلوع الشّمس من مشرقها لا يكون دلالة على النبوّة ، لأنه لا يمكن ذلك فيها من حيث كان ذلك معتاداً ، وطلوعها من مغربها يكون دلالة ، لإمكان ذلك فيه.
وأثر اللّصّ لا يسمّى دلالة ، وإن أمكن الاستدلال به عليه ، من حيث لم يقصد بذلك استدلال (٥) عليه ، وإن سمِّي ذلك دلالة على بعض الوجوه فعلى ضرب من
__________________
ترك الواو ليكون علّة له.
(١) * قوله : «وأمّا المقلّد» المراد بالتقليد العمل بقول الغير من حيث انّه قوله ، سواء كان الغير معصوما أو لا ، وعلى الثاني ، سواء كان مظنون الصدق أو لا ، والمقصود بهذا الكلام بيان أنّ حال المقلد ليس منحصرا في الظنّ بالحكم الفقهي الواقعي فيما قلّد فيه ، وإن كان الغالب ذلك ، ولذا قدّمه على القسمين الآخرين ، بل قد يكون عالما به ، وقد يكون غير ظان به ولا عالم به.
(٢) * قوله : (فإن كان يحسن الظنّ) أيّ إن كان ظانّا بأنّ مفتيه لم يشهد إلّا بالحقّ.
(٣) وعلى خلافها.
(٤) في الأصل : دلالة.
(٥) الاستدلال.