بمستحيل ، ولا يخل ذلك بكونه نهيا (١) ، وإنما يقبح لأن من نهى عن فعل وكان حكيما دل نهيه على قبح المنهي عنه ، فلأجل ذلك وجب أن يكون كارها له ، ولم يحسن منه أن يريده لأن إرادة القبيح قبيحة ، ومتى فرض فيمن ليس بحكيم فإن ذلك جائز.
فإن قيل : فبأي شيء (٢)* يدخل في أن يكون مستعملا لما وضعه أهل اللغة حقيقة دون المجاز.
قلنا : بأن يقصد إلى استعمال فيما وضعوه ويطلق (٣) القول ، فإنه إذا كان حكيما فإنا نعلم أنه أمر لأنه لو أراد غير ما وضع له على وجه التجوز لبينه ، فمتى لم يقرن به البيان دل على أنه أراد ما وضع له حقيقة.
ومتى لم نعرف أن القائل حكيم لا يفهم (٤) مراده إلا بقرينة ، أو يضطر إلى قصده (٥)* ، لأنه يجوز أن يكون أراد غير ما وضع له ، وإن لم يبين ذلك في الحال ، لأن القبيح غير مأمون منه.
فأما الكلام في القصد وهل هو من قبيل الاعتقادات أو هو جنس مفرد؟ ، فليس هذا موضع ذكره وبيان الصحيح منه.
ولا يمكن أن يدعى أن الأمر أمر بجنسه (٦) ، لأنا نجد من جنسه ما ليس بأمر ما
__________________
(١) في الأصل : نهي.
(٢) * أي إذا ثبت استعمال «افعل» في القرآن وغيره في المعاني المذكورة ، فبأي شيء يتحقق ويعلم كون «افعل» مستعملا فيما وضعه أهل اللغة وهو الأمر دون أن يكون مستعملا في المعنى المجازي كالتهديد.
(٣) أطلق.
(٤) نفهم.
(٥) * أي يعلم قصده ضرورة.
(٦) اختلفت آراء الأصوليين في حقيقة الأمر وانه بما ذا صار الأمر أمرا؟ ، ولخص الشريف المرتضى (ره) مذاهبهم بقوله : «اختلف الناس في ذلك ، فذهب قوم إلى أن الأمر إنما كان أمرا بجنسه ونفسه ، وقال آخرون : إنما كان كذلك بصورته وصفته ، وقال آخرون : إنما كان كذلك لأن الآمر أراد كونه أمرا ، وأجروه في هذه القضية مجرى الخبر ، وقال آخرون : إنما كان الأمر أمرا لأن الآمر أراد الفعل المأمور به» [الذريعة ١ : ٤١] ، وأما الشيخ الطوسي (ره) فإنه يعتقد ببطلان جميع هذه الوجوه والاحتمالات ويقول ، إن صيغة الأمر وضعها