أَمْرِهِ)(١)في وجوب اتباع أفعاله عليهالسلام ، لأن ذلك غير داخل فيه على وجه الحقيقة.
وكونها مرادة على وجه المجاز يحتاج إلى دليل غير الظاهر ، فبطل التعلق به على كل حال.
واعلم أن هذه الصيغة التي هو قول القائل «افعل» وضعها أهل اللغة لاستدعاء الفعل (٢) ، وخالفوا بين معانيها باعتبار الرتبة :
فسموها إذا كان القائل فوق المقول له أمرا ، وإذا كان دونه ، سؤالا وطلبا ودعاء.
ومتى استعملوها في غير استدعاء الفعل في التهديد نحو قوله : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ)(٣) ، وقوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ)(٤) ، وفي التحدي نحو قوله : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا)(٥) ، ونحو قوله : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ)(٦) ، وفي
__________________
(١) النور : ٦٣.
(٢) هذا مذهب الشيخ الطوسي (ره) وخلاصته : أن الأمر (قول القائل افعل) حقيقة في استدعاء الفعل وطلبه ومجاز في غيره من التهديد ، والإباحة ، والتحدي ، وتكوين الشيء ، وما أشبه ذلك ، فيصرف إليه عند الإطلاق. وهذا الرّأي يخالف مذهب الشريف المرتضى (الذريعة ١ : ٥٠ ـ ٤١) ومذهب المعتزلة القائلين بضرورة وجود الإرادة ، فإن أعيان المعتزلة (البصريين منهم ، لأن البغداديين من المعتزلة والنجارية يقولون إن الأمر أمر لعينه وصيغته) كالجبائيين والقاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري فرقوا بين الأمر والإرادة ، وقالوا : إن الأمر مخالف لإرادة المأمور به ومثلوا بأن الله تعالى يأمر بالطاعة ولا يريدها ، ولكنهم جعلوا الإرادة شرطا في دلالة الأمر على المأمور به ، وذلك لأجل أن يتميز الأمر عند التهديد.
انظر : (المعتمد ١ : ٦٩ و ٥٠ ـ ٤٣ ، التبصرة ١ : ١٨ ، الإبهاج ٢ : ٨ ، ميزان الأصول ١ : ٢٠٢ ، شرح اللمع ١ : ١٩٦).
(٣) الإسراء : ٦٤.
(٤) فصلت : ٤٠.
(٥) المائدة : ٢.
(٦) الجمعة : ١٠.