اطرادها في القول ووقوفها في الفعل ، لأنه ليس كل فعل يسمى أمرا (١) ، ألا ترى أنه لا يسمى الأكل والشرب والقيام والقعود بأنه أمر ، وإنما يقال لجملة أحوال الإنسان إنه أمر ، فيقال «أمره مستقيم» ، و «أمره مضطرب» ، وأما (٢) تفاصيل الأفعال فلا توصف بذلك.
وليس كذلك القول ، لأن كل قول يحصل لمن هو دونه بهذه الصيغة يسمى أمرا ، فعلمنا بذلك أنه حقيقة فيما قلناه ومجاز فيما ذكروه.
وأيضا : فإن هذه اللفظة لها اشتقاق ، لأنه يشتق منها اسم الفاعل فيقال آمر ، واسم المأمور ، وفعل الماضي والمستقبل ، وكل ذلك لا يتأتى في الفعل ، فعلم بذلك أنه مجاز في الفعل وحقيقة في القول.
فأما من تعلق بالاستعمال في كون هذه الصيغة مشتركة (٣) وقال : وجدت هذه اللفظة قد استعملت في الفعل كما استعملت في القول ، فينبغي أن يكون حقيقة فيهما ، وقد قال الله تعالى : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ)(٤) ، وقال : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)(٥) وغير ذلك من المواضع.
فإن الجواب عنه أن يقال : إن ذلك كله مجاز ، وليس لنفس الاستعمال دلالة (٦)* على الحقيقة ، لأن المجاز أيضا مستعمل كالحقيقة (٧)* ، ونحن نبين ذلك فيما بعد ،
__________________
(١) قولا.
(٢) فأما.
(٣) انظر التعليقة في صفحة ١٦٠ هامش رقم (١) ، إلا أن الطوسي (ره) هنا يوجه نقده لكلام شيخه الشريف المرتضى (ره).
(٤) القمر : ٥٠.
(٥) هود : ٩٧.
(٦) * لا دلالة ظاهرية ولا قطعية.
(٧) * أي الاستعمال المجازي ليس مرجوحا بالنسبة إليه ، ويؤيده ما اشتهر من أن أكثر اللغة مجازات.