الأشياء ، دون الشَّرعيّات التي هي طريق إلى إثبات أحكامها.
وثانيها : أن ينظر في حكم لذات ، فيحصل له العلم بصفة لها ، وذلك نحو نظرنا في صحّة الفعل من زيد ، فيحصل لنا العلم بأنّه قادر.
وهذا أولى ممّا قاله قوم : من أنّه ينظر في شيء فيحصل له العلم بغيره ، ومثّل ذلك بالنظر في فعل زيد ، فيحصل له العلم بأنّه قادر.
وإنّما قلنا أنّه أولى ، لأنّ الّذي يدلّ على كونه قادرا ، صحّة الفعل منه على وجه دون وقوعه ، فتمثيله بما قلناه أولى.
والضرب الثالث : أن ينظر في حكم لذات ، فيحصل لنا العلم بكيفيّة صفة لها ، نحو نظرنا في جواز العدم على بعض الذوات ، فيحصل لنا العلم بأنّها محدثة.
وهذا الّذي ذكرناه أولى ممّا قاله قوم من أنّا ننظر في صفة لذات ، فيحصل لنا العلم بصفة أخرى لها ، لأنّ جواز العدم ليس هو صفة ، وإنّما هو حكم من أحكامها ، وكونها محدثة ليس أيضا بصفة ، وإنّما هو كيفيّة في الوجود ، فعلم بذلك أنّ ما قلناه أولى.
ومثاله في الشّرعيّات : أن ننظر في أنّ شيئا منها واجب ، فيحصل لنا العلم بأنّ له جهة وجوب.
وأمّا الضرب الثاني من العلوم المكتسبة التي تحصل من غير نظر : فهو ما يفعله المنتبه من نومه ، وقد سبق له النّظر في معرفة الله تعالى ، فحينئذ يعقل (١) العلم عند ذكره الأدلّة.
وطريق النّظر في الوجوه الثلاثة ، الّتي قدّمنا ذكرها.
وقال قوم : في العلوم الّتي تقع عن نظر ما يسمّى استدلالا ، وهو ما يكون المستدلّ به غير المستدلّ عليه.
ومنه ما يسمّى اكتسابا فقط ، وإطلاق الاكتساب على جميع ذلك لا خلاف فيه.
__________________
(١) نعقل.