الكتابة بالكاتب ، والبناء بالباني ، وما يجري مجرى ذلك ، ممّا يعدّ (١) في كمال العقل ، وهي كثيرة.
والضرب الثّاني : ما يقف على شرط ، وهو العلم بالمدركات ، لأنّ العلم بها ضروري ، إلّا أنّه واقف على شرط ، وهو الإدراك مع ارتفاع اللّبس ، وهذا العلم واجب حصوله مع الشّرط الّذي ذكرناه في العاقل ، لأنّه ممّا يدخل به في كونه كامل العقل ، ومتى لم يحصل ، أخلّ ذلك بكمال عقله.
وزاد قوم في هذا القسم الّذي يقف على شرط ـ وإن لم يكن ذلك واجبا ـ العلم بالصّنائع عند الممارسة ، والعلم بالحفظ عند الدّرس.
ولنا في ذلك نظر ، ليس هذا موضع الكلام فيه.
وذكروا فيه أيضا العلم بمخبر الأخبار المتواترة ، ونحن نبيّن ما عندنا فيها (٢) عند الكلام في الأخبار إن شاء الله تعالى.
وأمّا العلم المكتسب : فحدّه أن يكون فعل من العالم به ، وهذا الحدّ أولى من حدّ من قال إنّه : «ما أمكن العالم به دفعه عن نفسه لشبهة في دليله ، أو طريقه إذا انفرد» ، لأنّ ذلك لا يصحّ على مذهبنا ، على ما قلناه من العلم بأخبار البلدان والوقائع.
والعلم المكتسب على ضربين :
أحدهما : لا يقع إلّا متولّدا عن نظر في دليل.
والآخر : يفعله العالم في نفسه ابتداء.
فالقسم الأوّل على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن ينظر في شيء فيحصل له العلم بغيره ، نحو نظرنا في الحوادث لنعلم أنّ لها محدثا ، وهذا الوجه يختصّ العقليّات ، لأنّها الطّريق إلى إثبات ذوات
__________________
(١) نعدّه.
(٢) فيه.