يجوز له أولا أن يرويه ويرجح خبر غيره عليه.
وإذا كان أحد الراويين معروفا والآخر مجهولا ، قدم خبر المعروف على خبر المجهول ، لأنه لا يؤمن أن يكون المجهول على صفة لا يجوز معها قبول خبره.
وإذ كان أحد الراويين مصرحا والآخر مدلسا ، فليس ذلك مما يرجح به خبره ، لأن التدليس هو : «أن يذكره باسم أو صفة غريبة ، أو ينسبه إلى قبيلة ، أو صناعة وهو بغير ذلك معروف» ، فكل ذلك لا يوجب ترك خبره.
وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا ، نظر في حال المرسل ، فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير (١) ، وصفوان بن يحيى (٢) ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر (٣) وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن (٤) يوثق به وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم.
فاما إذا انفرد ، وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به.
__________________
(١) هو محمد بن زياد بن عيسى الأزدي البغدادي ، من متقدمي شيوخ الإمامية ومن أصحاب الإمامين الكاظم والرضا عليهماالسلام جليل القدر ، عظيم المنزلة ومن الثقات. كان جلدا في تشيعه ، حبس أربع سنوات أيام الرشيد والمأمون وعذب ليدل على أسماء الشيعة لكنه صبر وقاوم ففرج الله عنه ، وقيل أن أخته دفنت كتبه أيام حبسه فهلكت الكتب ، فكان يحدث من حفظه ، والإمامية تعتمد على مراسيله وتعتبرها مسانيد ، صنف ٩٤ كتابا في مختلف المجالات ، وتوفي ببغداد سنة ٢١٧ ه.
(٢) هو صفوان بن يحيى البجلي ، الكوفي ، من الفقهاء والمحدثين الثقات ، كان بياعا للسابري (نوع من الثياب) ، عد من أورع الناس وأتقاهم وكانت له منزلة من الزهد والعبادة كثير الخشوع والصلاة. كان من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا عليهماالسلام وروى عنهما ، صنف ثلاثين كتابا ـ توفي سنة ٢١٠ ه.
(٣) هو أحمد بن محمد بن عمرو البزنطي الكوفي ، من الفقهاء والمحدثين الثقات ، صحب الإمامين علي بن موسى الرضا والجواد عليهماالسلام وروى عنهما ، توفي سنة ٢٢١ ه.
(٤) في الأصل : ممن.