فأما إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الّذي ذكرناه ، ودليلنا على ذلك : الأدلة التي قدمناها على جواز العمل بأخبار الآحاد ، فإن الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل ، فبما يطعن في واحد منهما يطعن في الآخر ، وما أجاز أحدهما أجاز الآخر ، فلا فرق بينهما على حال.
وإذا كان إحدى الروايتين أزيد من الرواية الأخرى ، كان العمل بالرواية الزائدة أولى ، لأن تلك الزيادة في حكم خبر آخر ينضاف إلى المزيد عليه.
فإذا كان مع إحدى الروايتين عمل الطائفة بأجمعها فذلك خارج عن الترجيح ، بل هو دليل قاطع على صحته وإبطال الآخر.
فإن كان مع أحد الخبرين عمل أكثر الطائفة ، ينبغي أن يرجح على الخبر الآخر الّذي عمل به قليل منهم.
وإذا كان أحد المرسلين متناولا للحظر والآخر متناولا للإباحة ، فعلى مذهبنا الّذي اخترناه في الوقف يقتضي التوقف فيهما ، لأن الحكمين جميعا مستفادان شرعا وليس أحدهما بالعمل أولى من الآخر.
وإن قلنا : إنه إذا لم يكن هناك ما يترجح به أحدهما على الآخر كنا مخيرين ، كان ذلك أيضا جائزا كما قلناه في الخبرين المسندين سواء.
وهذه جملة كافية في هذا الباب.