فأما من كان مخطئا في بعض الأفعال ، أو فاسقا بأفعال (١) الجوارح ، وكان ثقة في روايته متحرزا فيها ، فإن ذلك لا يوجب رد خبره ، ويجوز العمل به لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه ، وإنما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم.
فأما ترجيح أحد الخبرين على الآخر من حيث إن أحدهما يقتضي الحظر والآخر الإباحة ، والأخذ بما يقتضيه (٢) الحظر أولى أو الإباحة (٣).
فلا يمكن الاعتماد عليه على ما نذهب إليه في الوقف ، لأن الحظر والإباحة عندنا (٤) مستفادان بالشرع فلا ترجيح بذلك ، وينبغي لنا التوقف فيهما جميعا ، أو يكون الإنسان فيهما مخيرا في العمل بأيهما شاء.
وإذا كان أحد الراويين يروي الخبر بلفظه والآخر بمعناه ينظر في حال الّذي يرويه بالمعنى ، فإن كان ضابطا عارفا بذلك فلا ترجيح لأحدهما على الآخر ، لأنه قد أبيح له الرواية بالمعنى واللفظ معا فأيهما كان أسهل عليه رواه.
وإن كان الّذي يروي الخبر بالمعنى لا يكون ضابطا للمعنى ، أو يجوز أن يكون غالطا فيه ، ينبغي أن يؤخذ بخبر من رواه اللفظ.
وإذا كان أحد الراويين أعلم وأفقه وأضبط من الآخر ، فينبغي أن يقدم خبره على خبر الآخر ويرجح عليه ، ولأجل ذلك قدمت الطائفة ما يرويه زرارة (٥) ، ومحمد
__________________
(١) في الأصل : في أفعال.
(٢) يقتضي.
(٣) في الأصل (والإباحة).
(٤) جميعا عندنا.
(٥) هو زرارة بن أعين الشيباني ، من متقدمي شيوخ الإمامية في الفقه والحديث والكلام ، كان قارئا ، فقيها ، متكلما ، شاعرا ، أديبا ، وأجمعت الإمامية على تصحيح ما يرويه ، ويعد زرارة من أشهر فقهاء ومحدثي الإمامية حيث روى مئات الأحاديث الصحيحة ، وكان من أصحاب الإمامين محمد الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام توفي سنة ١٥٠ ه.