من التأويل لا نقف عليه ، أو خرج على سبب خفي علينا الحال فيه ، أو تناول شخصا بعينه ، أو خرج مخرج التقية وغير ذلك من الوجوه ، فلا يمكننا أن نقطع على كذبه ، وإنما يجب الامتناع من العمل به حسب ما قدمناه.
فأما الأخبار إذا تعارضت وتقابلت فإنه يحتاج في العمل ببعضها إلى ترجيح ، والترجيح يكون بأشياء :
منها : أن يكون أحد الخبرين موافقا للكتاب أو السنة المقطوع بها والآخر مخالفا لهما ، فإنه يجب العمل بما وافقهما وترك العمل بما خالفهما.
وكذلك إن وافق أحدهما إجماع الفرقة المحقة والآخر يخالفه ، وجب العمل بما يوافق إجماعهم ويترك (١) العمل بما يخالفه.
فإن لم يكن مع أحد الخبرين شيء من ذلك ، وكانت فتيا الطائفة مختلفة ، نظر في حال رواتهما فما كان راويه عدلا وجب العمل به وترك العمل بما لم يروه العدل ، وسنبين القول في العدالة المراعاة في هذا الباب.
فإن كان رواتهما جميعا عدلين ، نظر في أكثرهما رواة عمل به وترك العمل بقليل الرّواة.
فإن كان رواتهما متساويين في العدد والعدالة ، عمل بأبعدهما من قول العامة (٢) ويترك العمل بما يوافقهم.
__________________
(١) ترك.
(٢) إن السياسات الظالمة التي اتخذتها الخلافة الأموية والعباسية ، كانت تهدف إلى النيل من أئمة أهل البيت عليهمالسلام والطعن فيهم وإبعادهم ليس عن الحياة السياسية والاجتماعية فحسب ، بل حتى عن تداول آراءهم الفقهية ومروياتهم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند عامة المسلمين ، وبناء على هذه السياسة بذلوا الأموال الطائلة واشتروا ذمم كثير من الرّواة والمحدثين وأصحاب السنن والمسانيد ـ بل وحتى أئمة المذاهب ـ كل ذلك في سبيل نسيان ذكرهم وإبعاد المسلمين عنهم ، فأقدموا على معارضة سنتهم ـ وهي سنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفتاواهم الفقهية بوضع ما يقابلها ، وصونا لسنته صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحكامه أمر أئمة أهل البيت عليهمالسلام أتباعهم بمخالفة ما وافق مذاهبهم ومروياتهم ، لاحظ كلام الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام حيث قال : «إن عليا لم يكن يدين الله إلا خالفته عليه الأمة إلى غيره ،