وإن كان الخبران يوافقان العامة أو يخالفانها جميعا نظر في حالهما :
فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالخبر الآخر على وجه من الوجوه وضرب من التأويل ، وإذا عمل بالخبر الآخر لا يمكن العمل بهذا الخبر ، وجب العمل بالخبر الّذي يمكن مع العمل به العمل بالخبر الآخر ، لأن الخبرين جميعا منقولان مجمع على نقلهما ، وليس هناك قرينة تدل على صحة أحدهما ، ولا ما يرجح أحدهما به على الآخر فينبغي أن يعمل بها إذا أمكن ولا يعمل بالخبر الّذي إذا عمل به وجب إطراح العمل بالخبر الآخر.
وإن لم يمكن العمل بهما جميعا لتضادهما وتنافيهما وأمكن حمل كل واحد منهما على ما يوافق الخبر (الآخر) (١) على وجه ، كان الإنسان مخيرا في العمل بأيهما شاء.
وأما العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر فهو (٢) : أن يكون الراوي معتقدا للحق ، مستبصرا ، ثقة في دينه ، متحرجا من الكذب ، غير متهم فيما
__________________
إرادة لإبطال أمره. وكانوا يسألون أمير المؤمنين عن الشيء لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس».
وفي حديث آخر يقول عليهالسلام : «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة.
قلت : جعلت فذلك إن رأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟
فقال : ما خالف العامة ففيه الرشاد.
فقلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟
فقال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ...» راجع : «وسائل الشيعة : باب ٩ من أبواب صفات القاضي» ، وأيضا راجع أبواب التعادل والتراجيح من كتب أصول الفقه للإمامية.
(١) زيادة من النسخة الثانية.
(٢) كذا ، والظاهر : فهي.