أن يكون من خالف الدليل منهم أخطأ وأثم واستحق العقاب ، إلا أنه عفي له عن خطئه وأسقط عنه ما استحقه من العقاب.
قيل له : الجواب عن ذلك من وجهين :
أحدهما : أن غرضنا (١)* بما اخترناه من المذهب هو هذا ، وأن من عمل بهذه الأخبار لا يكون فاسقا مستحقا للعقاب ، فإذا سلم لنا ذلك ثبت لنا ما هو الغرض المقصود.
والثاني (٢)* : أن ذلك لا يجوز : لأنه لو كان قد عفي لهم عن العمل بذلك مع أنه قبيح يستحق به العقاب وأسقط عقابهم ، لكانوا مغيرين بالقبيح وذلك لا يجوز ، لأنهم إذا علموا أنهم إذا عملوا بهذه الأخبار لا يستحقون العقاب لم يصرفهم عن العمل بها صارف ، فلو كان فيها ما هو قبيح العمل به لما جاز ذلك على حال.
فإن قيل : لو كانت هذه الطريقة دالة على جواز العمل بما اختلف من الأخبار المتعلقة بالشرع من حيث لم ينكر بعضهم على بعض ، ولم يفسق بعضهم بعضا ، ينبغي أن تكون دالة على صوابهم فيما طريقه العلم ، فإنهم قد اختلفوا في الجبر ، والتشبيه ، والتجسيم ، والصورة (٣) وغير ذلك ، واختلفوا في أعيان الأئمة ، ولم نرهم قطعوا الموالاة ولا أنكروا على من خالفهم ، وذلك يبطل ما اعتمدتموه.
قيل : جميع ما عددتموه من الاختلاف الواقع بين الطائفة فإن النكير واقع فيه من الطائفة ، والتفسيق حاصل فيه ، وربما تجاوزوا ذلك أيضا إلى التكفير وذلك أشهر من أن يخفى ، حتى أن كثيرا منهم جعل ذلك طعنا على رواية من خالفه في المذاهب التي ذكرت في السؤال ، وصنفوا في ذلك الكتب ، وصدر عن الأئمة عليهمالسلام
__________________
(١) * حاصلة أن التفسيق لازم لاستحقاق العقاب وإن كان معفوا عنه ، فبقاء استحقاق العقاب كاف في غرضنا ، فإن نسبة جميع الشيوخ المتقدمين إلى استحقاق العقاب ـ وهو المراد بالفسق ـ قبيح.
(٢) * حاصله أن العفو وإن كان جائزا فليس يجوز أن يعلم المكلفون التزام الله تعالى إياه في نوع مخصوص من الذنب سوى ما استثنى ، فيمتنعوا من تفسيق مرتكبه لأجل علمهم بالعفو ، لأنه إغراء بالقبيح.
(٣) هم الذين يعتقدون بجسمية الله سبحانه وتعالى ويصفونه بالصورة وبالتخطيط.