كان معلوما بين الصحابة ، وأنه من إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يكن طريق ذلك خبر الواحد ، فلأجل ذلك رجع إليه.
والثالث : أنا لو سلمنا أنهم عملوا بهذه الأخبار لأجلها ، لم يكن أيضا فيه دلالة ، لأنه ليس جميع الصحابة عمل بها ، وإنما عمل بها بعضهم ، وليس فعل بعضهم حجة ، وإنما الحجة في فعل جميعهم.
وليس لهم أن يقولوا : إنهم بين طائفتين ، طائفة عملت بها ، وطائفة لم تنكر عليهم العمل بها ، فلو لم يكن صحيحا لكانوا قد أجمعوا على الخطأ (١).
وكذلك (٢) أن هذا لا يصح من وجهين :
أحدهما : أنه من أين لهم أنه حيث لم ينكروا كانوا راضين بأفعالهم ، مصوبين لهم ما عملوا؟ ، وما المانع من أن يكونوا كارهين لذلك منكرين بقلوبهم ، ومنع من إظهار ذلك بعض الموانع (٣).
وإنما يمكن الاعتماد على سكوتهم إذا لم يكن لسكوتهم وجه غير الرضا فحينئذ يحمل عليه ، فأما ويمكن غير ذلك فينبغي أن لا يقطع به على الرضا.
وأيضا : فإنما يجب عليهم إنكار ذلك إذا علموا أنهم عملوا بهذه الأخبار لأجلها ، وغير ممتنع أن يكونوا شاكين في حال العاملين بها مجوزين ، لأنهم عملوا بها لدليل دلهم على صحة هذه الأخبار ، أو لتذكرهم ، فلأجل ذلك لم ينكروهم.
والوجه الثاني : أنهم قد أنكروا أجمع العمل بأخبار (٤) الآحاد ، ألا ترى إلى ما
__________________
وغير واحد ...».
(١) المعتمد ٢ : ١١٥.
(٢) وذلك.
(٣) قال الشريف المرتضى (ره) : «إنما عمل بأخبار الآحاد من الصحابة ، المتأمرون الذين يحتشم التصريح بخلافهم ، والخروج عن جملتهم ، فالإمساك عن النكير عليهم لا يدل على الرضا بما فعلوه ، لأننا كلنا نشترط في دلالة الإمساك على الرضا أن لا يكون له وجه سوى الرضا من تقية وخوف وما أشبه ذلك» [الذريعة ٢ : ٦١].
(٤) بخبر.