أنه لا يقبل فيه أيضا خبر العدل ، لأنه لا يجوز أن يحكم بارتداد أقوام بخبر الواحد العدل.
والثاني : أن تعليل الآية يمنع من الاستدلال بها ، لأن الله تعالى علل خبر الفاسق فقال : (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) وذلك قائم في خبر العدل ، لأن خبره إذا كان لا يوجب العلم فالتجويز في خبره حاصل مثل التجويز في خبر الفاسق.
وليس لأحد أن يقول : إني أمنع من تجويز ذلك في العدل ، لأنه لو كان ذلك جائزا لما علق تجويز الجهالة بالفاسق؟
لأن ذلك لا يصح من وجهين :
أحدهما : أن هذا يقتضي أن يقطع على أنه يعلم بخبر العدل ، لأن الجهل لا يرتفع إلا ويحصل العلم ، وذلك لا يقوله أحد.
والثاني : أنه ليس من يمنع من تجويز الجهالة في خبر العدل من حيث علق الحكم بخبر الفاسق ، بأولى ممن قال : أنا أمنع بحكم التعليل من دليل الخطاب في تعليق الحكم بخبر الفاسق ، لأنه لا يمتنع ترك دليل الخطاب لدليل ، والتعليل دليل ، فيسقط على كل حال التعلق بالآية.
واستدل قوم : بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ)(١) الآية.
وقالوا : حظر الكتمان يقتضي وجوب الإظهار ، ووجوب ذلك يقتضي وجوب القبول ، وإلا فلا فائدة في الآية (١).
__________________
أنهم ارتدوا عن الإسلام ... فأنزل الله سبحانه الآية» انظر : «المعتمد في أصول الفقه ٢ : ١١٧ ، تفسير الطبري ٢٦ : ٧٩ ـ ٧٨ ، الإصابة ٦ : ٣٢١».
(١) البقرة : ١٥٩.
(٢) المعتمد ٢ : ١١٨ ، ونسب الشريف المرتضى (ره) الاستدلال بهذه الآية إلى الفقهاء ، وأكثر المتكلمين من أهل السنة : [الذريعة ٢ : ٥٣ و ٥٥] ، وأما فخر الدين الرازي فقد نسبها إلى بعض الناس ، [التفسير الكبير ٤ : ١٨١] ، وقال المصنف في تفسير [التبيان ٢ : ٤٦] : «واستدل قوم بهذه الآية على وجوب العمل بخبر