الاستدلال بالآية.
وأما من قال بدليل الخطاب (١) ، فإنه يقول لا يصح أيضا الاستدلال بها من وجوه (٢)* :
أحدها : أن هذه الآية نزلت في (٣)* فاسق (٤) أخبر بردة قوم (٥) وذلك لا خلاف
__________________
أو بزمان ما أو بعدد ما لم يدل على أن ما عداه بخلافه ، بل كان موقوفا على دليل. انظر : «الذريعة ١ : ٣٩٢ ، الإحكام ٧ : ٣٢٣ ، المعتمد ٢ : ١١٦ ، روضة المناظر : ٢٤٦ ، التبصرة : ٢١٨ شرح اللمع ١ : ٤٢٨».
(١) وهو مذهب جمهور أهل السنة كالشافعي ، ومالك ، وأحمد ، والأشعري ، وأكثر أصحابه ، وأبي عبيدة معمر بن المثنى وجماعة من اللغويين ، وشواذ من المتكلمين ، وللجويني تفصيل ـ وتابعة الغزالي ـ حيث فرق بين الصفة المناسبة للحكم وغيرها. وقد نسب الشريف المرتضى لابن سريج قوله أن الشافعي لم يكن على مذهب الجمهور ، وكان يعتقد أن القول إذا تجرد لم يقتض نفيا ولا إثباتا فيما عدا المذكور (الذريعة ١ : ٣٩٣) ، لكن صريح كلام الشافعي في (الأم ٢ : ٤) يخالفه ويدل على اعتقاده بمذهب الجمهور انظر : «التبصرة في أصول الفقه : ٢١٨ ، الذريعة ١ : ٣٩٤ ـ ٣٩٢».
(٢) * إشارة إلى أنه يمكن الدفع بوجه آخر غير الوجهين المذكورين في الكتاب ويمكن بيانه : بأن من شرط حجية دليل الخطاب أن لا يعلم من الخارج بدليل مساواة المسكوت عند المذكور في الحكم ، وهاهنا ليس كذلك لأن التبين هو التعرف ، ونطلب البيان أي العلم الحادث عن دليل كما سيجيء في فصل في ذكر حقيقة البيان ، ولو كان خبر الفاسق موجبا لطلب العلم والتوقف ما لم يحصل علم دون خبر العدل ، لكان خبر العدل على طبق خبر الفاسق وبعده غير مسموع وكان قبله مسموعا ، مع أن الأول أقوى من الثاني ، ولعله لم يذكر المصنف هذا الوجه صريحا ، لأنه يمكن أن يستنبط من الوجه الثاني. وهاهنا وجه رابع هو الاستدلال على المساواة بين المسكوت عنه والمذكور بقوله : (فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) لأن جواز الندم حاصل في خبر العدل أيضا ، وهو أيضا مثل الثالث في أنه يمكن أن يستنبط من الثاني.
(٣) * الوليد بن عقبة أخو عثمان لأمه ، وهو الّذي ولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص فصلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعا ، ثم قال : هل أزيدكم!!
(٤) هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط (أخو عثمان لأمه) ، وقال ابن حجر [تهذيب التهذيب ١١ : ١٢٥] : «لا خلاف بين أهل العلم بالتأويل أن قوله عزوجل : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ...) نزلت في الوليد».
(٥) روى عمر بن شبه في «كتاب الكوفة» في أخبار الوليد ، بإسناده عن قتادة ، في قول الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ...) قال : هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بني المصطلق مصدقا ، فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم ، فرجع إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبر