وكان يجب أن لا يصح الشك في خبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه أسري به إلى السماء.
وقد علمنا خلاف ذلك ، لأنا لا نعلم صدق أحد المتلاعنين ، ونجوز أن تدخل الشبهة في نبوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يعتقد صحة نبوته ، فيشك في خبره عن الإسراء به ، ولو كان يوجب العلم الضروري لما صح ذلك ، ولكان يجب أيضا أن يحصل لنا العلم بصدق كل رسول ادعى رسالة بعضنا إلى بعض ، لأن ذلك يعلم ضرورة ، فكان يجب حصول العلم به ، وقد علمنا خلاف ذلك.
فإذا بطل جميع ذلك علم أنه لا يوجب العلم.
فأما ما اعتبره النظام من اقتران السبب به (١) ، فليس يخلو من :
أن يقول : يقع العلم به وبالسبب جميعا.
أو يقول : إن العلم يقع به بشرط أن يقارنه السبب.
أو يقول : إن العلم يقع به إلا أن يكون (٢) السبب حاصلا (١).
وكل هذه الوجوه يبطل ، لأنه يوجب أن لا يمتنع أن يخبر الجماعة العظيمة عن الشيء (٣)* ولا يقترن بها ذلك السبب ، فلا يحصل عند خبرها العلم ، وهذا يؤدي إلى تجويز أن نصدق من يخبرنا عن نفسه بأنه لا يعلم أن في الدنيا مكة مع اختلاطه بالناس ونشوئه بينهم ، وقد علمنا خلاف ذلك.
فأما ما يذكره من مشاهدة من رأي مخرق الثياب يلطم (٤) على وجهه ، وقد كان
__________________
(١) راجع هامش رقم (٢) صفحة ٩٧.
(٢) في الحجرية : لا يكون ، وهو خطاء واضح.
(٣) * المراد بالشق الأول أن يكون العلم بالسبب شرطا ، وبالثاني أن يكون السبب باعتبار تحققه في الواقع شرطا ، وبالثالث أن يكون السبب باعتبار تحققه في الواقع كاشفا عن عدم المانع الّذي هو ضد السبب ، ويمكن أن يراد بالأول أن يكون السبب جزءا من المؤثر فيه.
(٤) في الأصل النبي.
(٥) في الأصل (محرق يلطم.) ..