اللهم إلّا أن يقال : إنّا نفهم من ظاهرها موافقة حكم العقل لا حكم آخر من الشرع مضافا إلى الأمر بما يتحقّق به الإطاعة كالصوم والصلاة.
الرابع : أنّ الضابط في الحكم الإرشادي في مثل الإطاعة والعصيان أن يكون كالتكرار بحكم منجّز آخر من قبل المولى الذي يجب إطاعته ويتعلّق ذلك الأمر أو النهي بعنوان ثانويّ لما أمر به أو نهى عنه سابقا بحيث يكون الغرض من الأمر الثاني أيضا استدراك المطلوب من الأمر الأوّل.
بيان ذلك أنّ الأمر الإرشادي على أقسام :
الأوّل : أن يكون مثل أوامر الطبيب لا يقصد منها سوى الإعلام بكيفيّة علاج المرض ، وليس هناك إلزام وإرادة بوقوع متعلّق الأمر ، بل ربما لا يريد وقوع المأمور به ، كأن يكون المأمور عدوّا للآمر يريد هلاكه لا برأه من مرضه ، وقد أشار المحقّق القمي إلى هذا القسم من الإرشاد ، وقال : إنّ الأمر مستعمل في الإخبار مجازا فقول الطبيب : «اشرب الدواء» في مقام قوله : «شرب الدواء نافع لهذا المرض» لكنّا نمنع كون الأمر مستعملا في الإخبار بل ندّعي أنّ الغرض من الأمر ذلك من باب الكناية بأن استعمل الأمر في الإنشاء لينتقل منه إلى القضيّة المذكورة.
الثاني : أن يكون مثل الأمر بالمقدّمة يقصد منه الحتم والإلزام ، ويراد وقوع متعلّقه ، لكن الغرض من وقوعه ليس خصوص نفسه ، بل الغرض من وقوعه حصول غيره ، لأنّ المصلحة في ذلك الغير. ومن هذا القبيل سائر الأوامر الغيريّة كالأمر بما لا يتمّ الواجب إلّا به وأوامر الاحتياط والأمر بالعمل بالطرق والأمارات ، فإنّ هذه الأوامر يراد منها الحتم والإلزام جزما لكن الغرض منها حصول ذي المقدّمة في الأوّل ، والمأمور به النفسي في الثاني وما أدّى إليه الطريق في الثالث.
الثالث : أن يكون مثل الأمر بالإطاعة يقصد منه الحتم والإلزام أيضا ، لكن الغرض منه وقوع متعلّقه على النحو الذي امر به بعنوان آخر ، وهو في قوّة تكرار الأمر الأول ، ولا يترتّب على موافقة هذا الأمر كسابقه سوى ما يترتّب على الأوّل لا غير ، ولا ريب