قلت : ليس كذلك أمّا في مثال الخمر حرام ومقطوع الخمرية حرام فيما كان القطع تمام الموضوع فلأنّ النسبة بين الموضوعين عموم من وجه لتصادقهما في الخمر المقطوع به وتفارقهما في الخمر المجهول ، وما يقطع بخمريّته مع كون القطع جهلا مركّبا ، فلا يغني أحد العنوانين عن الآخر ، وهذا واضح. وأمّا في مثل قوله : «الخمر حرام والخمر المقطوع حرام» وإن [كان] أحد العنوانين أعمّ من الآخر مطلقا لكنّه لا ضير في جعل حكم الحرمة لكلّ من العنوانين مستقلّا لو كان كلّ واحد منهما مقتضيا للحكم بنفسه ، ويترتّب عليه ثمراته ومنها تعدّد الإطاعة والعصيان.
وممّا ذكر ظهر أنّه لا مانع من جعل الخمر حراما [و] مظنون الخمريّة أو الخمر المظنون أيضا حراما ، ولا يجوز جعل شرب الخمر حراما وشرب مظنون الخمر واجبا لعين ما ذكر في القطع. هذا إذا كان الظنّ حجّة يجب اتّباعه ، وإلّا فلا مانع من الحكم المضادّ أيضا وهو ظاهر.
وقد يقال : هاهنا بالفرق بين ما كان الظنّ تمام الموضوع فيجوز جعل الحكم الموافق والمخالف كأن يكون شرب الخمر حراما وشرب مظنون الخمريّة حراما أو واجبا ويكون من قبيل مسألة اجتماع الأمر والنهي ، وبين ما كان جزء الموضوع فلا يجوز جعل الحكم المماثل فضلا عن المخالف كأن يكون الخمر حراما والخمر المظنون أيضا حراما لعدم إمكان كون المطلق والمقيّد محلّا لحكمين ، ضرورة كون المقيّد عين المطلق مع وصف زائد ، وفيه ما مرّ من أنّ تعدّد العنوان كاف في جعل الحكمين بعد فرض كون كلّ من العنوانين مقتضيا للحكم ، مع أنّه لا فرق بين القطع والظنّ على ما ذكروه ، والحال أنّ القائل مصرّح بعدم جواز جعل الحكم المماثل والمخالف في القطع لما مرّ منه من لزوم اجتماع الضدّين أو المثلين فليتأمّل.
الثاني : أنّه لا إشكال في أنّ القطع إذ صادف الواقع على ما هو عليه يتحقّق بموافقته الإطاعة واستحقاق الثواب ولو شرعا وبمخالفته المعصية واستحقاق العقاب عقلا وكذا لو تخلّف القطع عن الواقع بعنوانه الخاصّ ولكن صادف نوع التكليف المتعلّق به