بالاستصحاب ، وهذا هو الظاهر من الأدلّة كما لا يخفى على من راجعها ويلاحظ نظائرها ، مثل «المؤمنون عند شروطهم» (١) و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢) و (الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا)(٣) وأشباهها ، فإنّ الظاهر فيها وجوب المضيّ على ما جعل نفسه بانيا عليه ، والعمل على عهده وميثاقه فليتأمّل.
الثانى : انّ دليل الاستصحاب لا يجري إلّا بالنسبة إلى مجعولات الشارع حكما أو موضوعا لا فيما هو مجعول للناذر والشارط ، فإنّه تابع لجعله ، ومن المعلوم أنّ الناذر التزم بالتصدّق على تقدير الحياة الواقعي لا الاستصحابي ، نعم لو كان بناء العرف والعقلاء الجري على مقتضى الحالة السابقة في زمان الشكّ مطلقا مع قطع النظر عن التعبّد الشرعي بذلك ثبت وجوب التصدّق على تقديره ، إلّا أنّه ليس ذلك لأجل الاستصحاب التعبّدي الذي نتكلّم في قيامه مقام القطع وعدمه
فان قلت : بعد حكم الشارع بوجوب الوفاء بالنذر أو الشرط يصير ذلك أيضا في عداد المجعولات الشرعيّة يترتّب عليه ما يترتّب عليها.
قلت : ليس كذلك لأنّ ما يدلّ على وجوب الوفاء لا يزيد على إمضاء الشارع ما التزمه الناذر والشارط على نفسه على حسب الملتزم ، ولم يتصرّف فيه بتعميم ولا بتخصيص في الملتزم ولا فيما علّق عليه.
والجواب : أنّ دليل الاستصحاب عامّ لكل ما يترتّب عليه على تقدير بقائه حكم شرعي وإن لم يكن من المجعولات الشرعيّة ، ولا ينافي ذلك كون مفاد دليل وجوب الوفاء إمضاء مجعول الناذر ، لأنّه يحكم حال الشكّ في الحياة بأنّ التصدّق حينئذ ممّا التزم به الناذر بحكم الاستصحاب وقد أمضاه الشارع ولم يحكم بوجوب التصدّق على تقدير عدم الحياة أيضا ليكون مخالفا لدليل الإمضاء ، بل يمكن أن يقال : لو حكم الشارع بوجوب التصدّق على بعض تقادير عدم الحياة ـ كأن يقول : من مات وله
__________________
(١) عوالى اللئالى : ١ / ٢١٨.
(٢) المائدة : ١.
(٣) البقرة : ١٧٧.