[آية النفر]
٣٧٢ ـ قوله : دلّت على وجوب الحذر عند إنذار المنذرين. (١٢٦)
أقول : يمكن تقريب الاستدلال بوجه لا يحتاج إلى إثبات وجوب الحذر ، بأن يقال تدلّ الآية على كلّ تقدير على جواز الحذر عند إنذار المنذرين مطلقا ، فيجوز العمل بقول المنذرين مطلقا ولو لم يفد العلم ، وهذا القدر يكفينا في مقابل قول السيّد بالمنع عن جواز العمل بأخبار الآحاد مطلقا ، وهذه الاستفادة لا تتوقّف على كون الحذر غاية للنفر الواجب ، ولا يتفاوت الحال بين أن يكون الآية بصدد النفر إلى الجهاد أو إلى التفقّه والإنذار ، نعم لا يثبت بها حجّية خبر الواحد في المستحبات والمكروهات ، لعدم صدق الإنذار الذي هو بمعنى التخويف والحذر الذي هو بمعنى الفرار عن المفسدة بالنسبة إليها ، لكن يتمّ فيها بعدم القول بالفصل وبالأولويّة ، وهذا التعميم محتاج إليه بناء على ثبوت وجوب الحذر أيضا كما لا يخفى.
٣٧٣ ـ قوله : أحدهما أنّ لفظة لعلّ بعد انسلاخه عن معنى الترجّي. (١٢٧)
أقول : لأنّ الترجّي بشيء لا يعقل إلّا إذا كان مشكوكا مجهول الحصول فيما سيأتي ، ولا يعقل الشكّ والجهل بالنسبة إليه تعالى ، ويمكن أن يقال بمنع انسلاخ لعلّ عن معنى الترجّي ، ولكن ينصرف الترجّي إلى حال المنذرين وهم جاهلون بحصول الحذر راجون حصوله ، ونظيره قوله تعالى : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)(١) يعني بذلك رجاء موسى وهارون تذكر فرعون أو أن يخشى ، وهذا
__________________
(١) طه : ٤٤