لو جاء الفاسق بخبر سواء كان في الأحكام أو الموضوعات ، ولم يجز العمل بالاصول في هذه الصورة وهذا ممّا لا يلتزمه أحد.
٣٧١ ـ قوله : ولكن لا يخفى أنّ حمل التبيّن على تحصيل مطلق الظنّ أو الاطمينان يوجب خروج مورد المنطوق وهو الاخبار بالارتداد. (ص ١٢٦)
أقول : قد أشرنا إلى أنّ هذا الإيراد يرد على ما وجّهنا الآية أيضا بدلالتها على حجّيّة مطلق الظنّ البالغ مبلغ خبر العادل في الوثوق ، ومحصّله أنّ مفاد الآية على هذا بعد عدم جواز تخصيص المورد مخالف للإجماع للاتفاق على عدم حجيّة الظنّ بالارتداد بل على عدم حجيّة خبر غير العادل فيه بل على عدم حجيّة خبر العدل الواحد فيكشف ذلك عن فساد الوجه المذكور من أصله ،
ويمكن أن يجاب بأنّ القدر المسلّم من الإجماع هو ترتيب جميع آثار الكفر على الأخبار بالارتداد من حكم النجاسة والقتل وغيرها ، أمّا مجرّد تجهيز الجيش والتوجّه إلى نحوهم واستعلام حالهم واستتابتهم لو كانوا مرتدّين وقتالهم لو لم يتوبوا في مورد الآية ونحوها في غيره لم يقم إجماع على عدمه ، فيكون مطلق المفيد للظنّ أو مطلق الظنّ في مثله حجّة بمقتضى مدلول الآية ، فلم يلزم تخصيص المورد ، ولا مخالفة الإجماع ، غاية الأمر لزم تقييد الآية بالنسبة إلى المورد بغير مثل القتل ونحوه.
فان قلت : إنّ ظاهر قوله أن تصيبوا قوما بجهالة هو القتال لا غير ، فكيف يخصّص بغيره.
قلت : نعم الظاهر ذلك ، ولكن لا محيص عن رفع اليد عن هذا الظاهر على كلّ تقدير ، إذ لا يجوز قتل قوم مرتدّين عن ملّة مطلقا ولو شهد عليهم عدلان ، إلّا بعد عدم توبتهم عقيب الاستتابة ، فالمراد من إصابتهم ليس إلا تجهيز الجيش إليهم واستتابتهم.