فنكشف من ذلك أنّ كل خبر بلغ بمرتبة قول العادل في الوثوق لا يوجب متابعته الوقوع في الندم وهو حجّة ، وذلك ما أردناه.
ولا يخفى أنّ هذا الوجه يقتضي حجّيّة مطلق الظنّ البالغ بهذه المرتبة من أيّ سبب كان ، سواء كان في الأحكام أو في الموضوعات ، ولا يرد عليه شيء.
سوى ما أورده المصنّف على ما استظهره من إفادة الآية حجّيّة خبر الموجب للاطمينان أو الظنّ كذلك ، وسيأتي الجواب عنه.
وسوى أنّ حجّية مطلق الظنّ أو الخبر الظنّي مطلقا ، بل خبر العادل في الموضوعات يعارضها ما دلّ على اعتبار العلم أو البيّنة في الموضوعات ، مثل قوله (عليهالسلام) في ذيل رواية مسعدة بن صدقة : «والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غيره أو تقوم به البيّنة» (١) وقوله (عليهالسلام) : «هو لك حلال حتّى يجيئك شاهدان أنّ فيه الميتة» (٢).
فإن قلنا بدلالة رواية مسعدة ونحوها على اعتبار البيّنة في مطلق الموضوعات على ما نسب إلى غير واحد من الفقهاء كانت مخصّصة للآية ، لأنّها أخصّ مطلقا فيخصّص مفاد الآية بغير الموضوعات ، ولا يخفى ما فيه من لزوم تخصيص المورد ، وإن قلنا بدلالتها على اعتبار العلم أو البيّنة في خصوص موضوع المحرّمات كالامثلة المذكورة في الرواية ، كما هو الأظهر المحقّق في محلّه ، فلا بدّ أن يخصّص عموم الآية بالشبهات الموضوعيّة التحريميّة فتدبر.
٣٧٠ ـ قوله : والحاصل أنّ الآية تدلّ على أنّ العمل يعتبر فيه التبيّن من دون مدخليّة لوجود خبر الفاسق وعدمه. (ص ١٢٦)
أقول : وهذا هو الظاهر المتبادر منها ، والّا لزم وجوب الفحص والتبيّن في كلّ ما
__________________
(١) الوسائل : ١٢ / ٦٠
(٢) الوسائل. ١٧ / ٩١