أقول : ويستفاد من كلام المصنّف في ذيل الإيراد الثاني على الاستدلال بالآية وجه رابع ، وهو أنّ الظاهر من الأمر بالتثبّت في خبر الفاسق أنّه يجب التثبّت بتحصيل الوثوق بخبره ، ويستفاد من ذلك جواز الاتّكال على كلّ خبر يوثق به ، منها خبر الفاسق بعد التثبّت ، ومنها خبر العادل الموثوق به مطلقا.
٣٤٠ ـ قوله : مبنيّ على ما يتراءى من ظهور الأمر بالتبيّن في الوجوب النفسي. (ص ١١٦)
أقول : فيه نظر بيّن ، إذ على تقدير كون تثبّت خبر الفاسق واجبا نفسيّا يكون الردّ والقبول أجنبيّا عن المقام ، وهو نظير أن يقول إن جاءكم فاسق بنبإ فصلّوا ركعتين ، ومفهومه عدم وجوب الصلاة عند مجيء غير الفاسق بالنبإ وأين هذا من الردّ والقبول ، والتحقيق أنّ المستدلّ أراد الوجوب الشرطي.
لكن تقريب الاستدلال بوجوه لا يلزم منه استدراك المقدّمة الأخيرة ، بل تكون محتاجة إليها ، بيان ذلك أنّ كون التبيّن واجبا شرطيّا يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يكون معنى الآية إن أردتم قبول خبر الفاسق والعمل به يشترط فيه التبيّن ، ومفهومه عدم شرطيّة التبيّن في خبر غير الفاسق لو أريد العمل به ، وهذا الوجه مراد المتن ، ولازمه عدم الحاجة إلى المقدّمة المزبورة كما ذكره.
ثانيهما : أن يكون المعنى يجب العمل بخبر الفاسق بشرط التبيّن للعمل ، نظير قوله : «إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة» ، يعني بعد دخول الوقت يجب الصلاة بشرط الوضوء للصلاة ، ومفهومه حينئذ عدم شرطيّة التبيّن للعمل في خبر غير الفاسق.
وبعبارة اخرى عدم وجوب العمل في خبر غير الفاسق مشروطا بالتبيّن ، ويحتاج حينئذ أن ينضمّ إليه إذا لم يجب العمل بخبر غير الفاسق بشرط التبيّن فإمّا أن يجب العمل به بدون الشرط وهو المدّعى ، وإمّا أن يجب ردّه ، ويلزمه أن يكون أسوأ حالا من الفاسق ، ويتمّ الاستدلال بصورته المنقولة عنهم ، وهذا المعنى مراد المستدلّ جزما