أقول : استفادة إجماع الكلّ من اتّفاق عصره لا يكون إلّا من قبيل تخرّص من ليس من أهل الخبرة والخرص ، وإن كان ولا بدّ فلينضمّ إليه عدم نقل خلاف من شأنه نقل كلّ خلاف ، فقد يحصل من ذلك الاتّفاق وتلك الضميمة العلم بإجماع الكلّ أعني اتّفاق جميع المعاريف على ما مرّ بيانه.
وهذا أيضا بعيد في الإجماعات المتداولة في ألسنة أكثر علمائنا المتقدّمين مع ما نرى التخلّف في أكثر ما ادّعوا فيها الإجماع ، وسيشير إلى جملة منها في المتن.
٣٠٠ ـ قوله : الثالث أن يستفيد اتّفاق الكلّ على الفتوى من اتّفاقهم على العمل بالأصل عند عدم الدليل. (ص ٩٠)
أقول : هذه الاستفادة أوهن من السابق إلّا أنّا نرى أنّهم سلكوا هذا المسلك كثيرا على ما يظهر من بعض عبائرهم التي حكاه في المتن ، والأظهر في توجيه كلمات مدّعي الإجماع من السلف هو هذا الوجه ، ويشهد له شواهد موجودة في كلماتهم ، وظنّي أنّ الاعتراف بمسامحتهم في دعوى الإجماع أولى من هذه الاعتذارات ، وحيثما قطعوا بالمطلب بطريق معتبر عندهم ادّعوا الإجماع مسامحة ومساهلة وربما كان ذلك لأجل محافظتهم على عناوين الأدلّة الأربعة المعروفة كما مرّ سابقا.
٣٠١ ـ قوله : فمن ذلك ما وجّه المحقّق به دعوى المرتضى والمفيد أنّ من مذهبنا جواز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات. (ص ٩٠)
أقول : قد مرّ سابقا أنّ لفظة «من مذهبنا» ليس مفادها الإجماع كلفظ «ممّا انفردت به الإماميّة» ونحوه بل غاية ما يظهر من أمثال هذه التعابير أنّ هذا المذهب مخالف لمذاهب العامّة ، لا أنّ جميع الخاصّة مطبقون على ذلك ولم يرد المحقّق أيضا توجيه الاتّفاق لمكان هذا التعبير ، بل أراد توجيه أصل القول بالتماس دليل له كما يرشد إلى ذلك قوله : «وأمّا قول السائل كيف أضاف المفيد والسيّد ذلك إلى مذهبنا ولا نص