أقول : قبل الشروع في بيان التفصيل المذكور في القوانين ينبغي التنبيه لأمرين كي يتّضح الحال في المقام.
الأوّل : أنّ التفصيل المذكور في القوانين لا يختصّ بظواهر الكتاب ، بل يعمّ الظواهر على ما هو صريح كلامه ، حيث جعل الكتاب من جزئيات أحد شقّي التفصيل ، ولا ينافي ذلك تعبيره بخطاب المشافهة أحيانا في خلال الكلام بعد التصريح المذكور.
الثاني : أنّ التفاصيل المتصوّرة في المقام أربعة.
أحدها : التفصيل بين المشافهة وغيره ، فيحكم بالحجّية في الأوّل سواء كان مخاطبا أم لا ، قصد إفهامه أم لا ، وربما يستظهر ذلك من كلام المعالم كما سيجيء.
ثانيها : التفصيل بين المخاطب بالظواهر وغيره ، والحكم بالحجيّة في الأوّل سواء قصد إفهامه أم لا ، وعدم الحجيّة في الثاني مطلقا وربما يحمل عليه كلام المعالم.
ثالثها : التفصيل بين من قصد إفهامه وغيره ، سواء كان مشافها أو مخاطبا أو غيرهما كالناظر إلى الكتب المصنّفة ، ويحكم بالحجّية في الأوّل دون الثاني ، وهذا صريح كلام القوانين.
رابعها : التفصيل بين من لم يحصل اختلال الظواهر باختفاء القرائن ونحوه بالنسبة إليه وبين من ظنّ أو احتمل احتمالا قريبا بحصول الاختلال المذكور بالنسبة إليه ويظهر من المصنّف في أواخر توجيه كلام القوانين نسبة هذا التفصيل إليه وهو كذلك على ما يظهر في خلال كلامه ايضا ولعلّ ذلك خلط وإلّا فقد عرفت صراحة عنوان كلام القوانين في التفصيل الثالث لكن القول بالتفصيل الرابع أولى وأقرب إلى القبول لأنّ بناء العقلاء الذي هو دليل حجّية الظواهر مقصور على ما لم يحصل الاختلال فيها قطعا أو ظنّا ، وأمّا إذا ظنّ أو احتمل قويّا اختلالها فلا ريب أنّ بناء العقلاء في مثله التوقّف عن العمل بالظواهر والظواهر مطلقا كتابا وسنة بالنسبة إلينا من هذا القبيل