انسداد باب العلم بما اريد من الألفاظ ، لكنّه صرّح في آخر المقدّمة الاولى ممّا لم ينقله المصنّف بأنّ مستند الحجّية بناء العقلاء ، ولعلّ ما ذكره أوّلا توطئة وبيان لمدرك بناء العقلاء في خصوص المورد فتأمّل.
٢٣٧ ـ قوله : ومع ذلك قد وجد فيه كلمات لا يعلم المراد منها كالمقطّعات. (ص ٦٢)
أقول : وجود المقطّعات لا يدلّ على شيء ممّا أراده ، لأنّه قد علم إجمالها وأنّها ليست من الألفاظ التي يستعمله أهل المحاورة ، بل عند العرب مهملات ، وعند أهل الأدب موضوعات لنفس الحروف على قول ، وعلى قول آخر أسماء أصوات حاكية عن الحروف ، نعم وجودها ربما يشهد بأنّ القرآن يقرب من الألغاز كلّه ، فلا يعتدّ بظواهره أيضا فليتأمّل.
٢٣٨ ـ قوله : ثمّ قال سبحانه : (آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)(١). (ص ٦٢)
أقول : هذا دليل ثان على عدم حجّية ظواهر الكتاب لا ربط له بالأخبار المانعة عن تفسير القرآن ، تقريره أنّ آيات الكتاب قسمان بنصّ هذه الآية : محكم يجوز التمسّك به ومتشابه لا يتبعه إلّا من في قلبه زيغ ابتغاء الفتنة ، بل ثبت هذا التقسيم في القرآن بالإجماع والأخبار الكثيرة القريبة من التواتر ، ثمّ لم يبيّن المتشابهات عن المحكمات واختلطا فلا يجوز لنا التمسّك بشيء منه.
أقول : وهذا الدليل عندي في غاية القوّة وإن كان الدليل الأوّل أيضا قويّا ، لكن لا بحيث يطمئنّ به النفس ، لقوّة معارضاته أيضا على ما ذكر في المتن وغيره ، وما يجاب عن هذا بأنّ الظاهر من المحكم كما سيأتي في المتن قلنا مسلّم لو لم يكن في
__________________
(١) آل عمران : ٣