والجواب : أنّ الظنّ على التقدير المذكور على ما قرّره في المتن حجّة بحكم العقل تخييرا أو تعيينا فالالتزام به التزام بالحجّة فلا تشريع.
٢١٥ ـ قوله : وأمّا إذا ادّعى أنّ العقل لا يحكم بأزيد من وجوب تحصيل الظنّ. (ص ٥٣)
أقول : عدم لزوم تحصيل العلم ، وجواز الاكتفاء بالظنّ على تقدير صدق الدعوى ، حقّ إلّا أنّ الدعوى فاسدة من أصلها لم يقل بها أحد ، والقول بأنّ الضرر الموهوم لا يجب دفعه مخالف لصريح حكم العقل والعقلاء ، سيّما إذا كان الضرر اخرويّا يكون يسيره كثيرا جدّا ، وما يرى من العقلاء ربما يعتمدون على الظنّ بعدم الضرر ، ولا يعتنون باحتمال الضرر الموهوم في امورهم ، فذلك لأجل أنّ الضرر المذكور لا يعدّ عندهم ضررا في مقابل المنافع المعلومة [أو] المظنونة ، وليس بناؤهم على الفرار من مثل هذا الضرر ، وأمّا الضرر الكثير الذي يكون بناء العقلاء على الفرار منه فيلتزمون بوجوب دفعه ، والاحتراز عن الاحتمال الموهوم في وقوعه ، ولعلّه إلى ما ذكرنا أشار بقوله : فتأمّل في آخر كلامه على ما في بعض النسخ هذا.
وقد بقي في المقام شيء ، وهو أنّ الأصل الذي قرّرنا على حرمة العمل بالظنّ هل هو مختصّ بحال انفتاح باب العلم أو يشمل حال الانسداد أيضا؟
قد يقال بالأوّل بتقريب أنّ العقل في حال الانسداد يحكم بمقدّمات دليل الانسداد أنّ الظنّ لكونه أقرب إلى الواقع حجّة بحكم العقل وهو حينئذ طريق إلى الواقع وعليه بناء العقلاء فيما ينسدّ عليهم طريق العلم في معاملاتهم وتجاراتهم وزراعاتهم ، ويظهر من المصنّف في نتيجة دليل الانسداد الثاني وأنّ العمل بالظنّ في تلك الحالة من باب التبعيض في الاحتياط لا من حيث إنّه حجّة فى تلك الحال ، وتشخيص هذا المطلب بأن يرجع إلى وجه حكم العقل ، وبناء العقلاء على العمل بالظنّ في حال