والقواعد ... (ص ٥١)
أقول : قد يورد عليه بأنّ العمل بالظنّ في مقابل الاصول والقواعد أيضا مخالفة احتماليّة لتلك القواعد ، لأنّ الظنّ على تقدير حجّيته مقدّم على الاصول والقواعد ، فلا حجّية في الأصل المقابل ، وعلى تقدير عدم الحجّية فالأصل المقابل حجّة ، فالشكّ في حجّية الظنّ يوجب الشكّ في حجّية الأصل المقابل ، فالأصل ليس حجّة قطعيّة مطلقا حتى يوجب العمل بالظنّ طرح ما يقابله من الحجّية ويلزم المخالفة القطعيّة ، بل يلزم المخالفة على تقدير وعدم المخالفة على تقدير ، ولأجل الجهل بتحقّق واحد من التقديرين يلزم المخالفة الاحتماليّة.
وقد يجاب بأنّ مورد التمسّك بالأصل والقاعدة ليس إلّا في مقام الشكّ في ورود الدليل أو المخصّص كما نحن فيه فالأصل والقاعدة مقطوع الحجّية في المقام ، فالعمل بالظنّ في مقابلها مخالفة لمقطوع الحجّية وهو المعنيّ بالمخالفة القطعيّة
ويمكن دفعه بأنّ ما ذكر مسلّم لو كان الشكّ في ورود الدليل أو المخصّص ، أمّا إذا كان في حجّية الدليل أو المخصّص فهذا الشكّ يسري في حجّية الأصل أو العموم المقابل ، ويصير كلّ منهما مشكوك الحجّية كما ذكره المورد.
والتحقيق : أنّ الإيراد ساقط من أصله ، لأنّ شرط حجّية ظهور العموم والأصل المقابل عدم ثبوت دليل معلوم الحجّية على خلافه ، لا عدم ثبوت حجّة في الواقع ولو كان مجهولا ، فالعمل بالظنّ المشكوك الحجّية مخالفة قطعيّة للأصل أو العموم المقابل كما ذكره المصنّف هذا.
ولكن يمكن توجيه الإيراد على المصنّف بوجه آخر ، وهو أن يقال : لو أغمضنا عن حكم العقل المستقلّ بعدم حجّية الظنّ المشكوك الحجّية وأنّ الاشتغال اليقيني موجب للبراءة اليقينيّة كما هو مبنى الجواب الثاني كان المتعيّن التمسّك بذيل أصل الاشتغال المثبت لتعيين الرجوع إلى القطع ، لإثبات عدم جواز الاعتماد على الظنّ كما ذكره القائل لا ما ذكره المصنّف (قدسسره) من أنّ العمل بالظنّ موجب لطرح الحجّية ،