وثانيا : أنّ مورد قاعدة الاشتغال أو البراءة في الشكّ بين التخيير والتعيين إنّما هو في التكليفيّات لا الوضعيّات ، وكون الظنّ طريقا أو ليس بطريق حكم وضعي وليس مورد القاعدة ، نعم من جعل المقام من الشكّ في حرمة العمل بالظنّ تكليفا كما يظهر من المصنّف وقد مرّ ما فيه ، فالجواب الثاني ساقط ، ويبقى الجواب الأوّل.
٢١٢ ـ قوله : ولا معنى لتردّد العقل في موضوع حكمه وأنّ الذي حكم هو بوجوبه تحصيل مطلق الاعتقاد أو خصوص العلم منه. (ص ٥١)
أقول : يريد به كما صرّح في غير موضع أنّ العقل يلاحظ جميع خصوصيات الموضوع ممّا له دخل في ثبوت الحكم ثمّ يحكم عليه ، وحينئذ لا معنى لتردّده في موضوع حكمه ، إذ مع هذا الترديد لا حكم له ، وقد بني على هذا الأصل امورا كثيرة : منها ما نحن فيه ، ومنها عدم تصوير استصحاب حال العقل ، صرّح به رسالة الاستصحاب إلى غير ذلك.
لكن يرد عليه : أنّا إذا راجعنا وجداننا نجد أنّه يجوز أن يحكم العقل بشيء على موضوع مجمل لا يعرف جميع حدود الموضوع وخصوصيّاته ، مثل أن يحكم فيما نحن فيه بأنّ العمل على الاحتمال المرجوح والمساوي غير جائز ، بل يجب تحصيل اعتقاد والعمل عليه ، وأمّا أنّ العمل على هذا الاعتقاد الراجح هل يجب أن يكون مختصّا بالاعتقاد الجازم أو أعمّ منه ومن الظنّ فلا يحكم به نفيا وإثباتا ، وبالجملة يجوز ان يحكم بشيء وهو وجوب الاعتقاد الراجح والعمل عليه ، ولا يحكم بشيء وهو وجوب الاعتقاد العلمي والعمل عليه فقط ، ولعلّ المتأمل في نظائر المقام لا يخفى عليه ما ذكرنا ، مثلا يجوز أن يحكم العقل بقبح الكذب في الجملة وأمّا أن هذا القبح في خصوص الكذب الضارّ أو أعمّ منه ومن النافع ، فلا يحكم به.
٢١٣ ـ قوله : وأمّا ثانيا فلأنّ العمل بالظنّ في مورد مخالفته للاصول