٢٠٦ ـ قوله : ومنها أنّ الأصل إباحة العمل بالظنّ لأنّها الأصل في الأشياء. (ص ٥٠)
أقول : التحقيق في جوابه أن يقال : لو كان الشكّ في ثبوت الحرمة النفسيّة للعمل بالظنّ أو عدمها كان التمسّك بأصالة الإباحة في محلّه ، لكنّ الكلام في ثبوت الحرمة الغيريّة التي تعبّر بعدم الحجّية وعدم لزوم المتابعة ، ومن المعلوم أنّ أصالة الإباحة لا مسرح له في هذا المقام ، فإذا حصل الظنّ بشرطيّة شيء للصلاة أو جزئيّة شيء لها فأيّ معنى لأصالة إباحة العمل بالظنّ هنا ، فهل ترى أنّ أصالة الإباحة قاضية بأن ذلك الشيء شرط أو جزء أو ليس بجزء ولا شرط.
٢٠٧ ـ قوله : وفيه على تقدير صدق النسبة أوّلا أنّ إباحة التعبّد بالظنّ غير معقول. (ص ٥٠)
أقول : توضيحه أنّه يجب على المكلّف في كلّ واقعة أن يبني على شيء إمّا الظنّ أو الأمارة أو الأصل ، بعد العلم بأنّ الله تعالى لم يتركه سدى ، ثمّ العمل بمقتضى ذلك البناء ، فالعمل بالظنّ واجب على تقدير جوازه إمّا تعيينا أو تخييرا فلا يعقل إباحة العمل بالظنّ.
ويرد عليه : أنّا نتعقّل إباحة العمل بالظنّ بمعنى جواز الأخذ به والعمل بمقتضاه وجواز ترك الأخذ لا إلى بدل ، ولا ينافي ذلك كون حكمه الرجوع إلى الأصل على تقدير عدم الأخذ به ، لأنه على هذا التقدير يدخل في موضوع من لا دليل له ، وحكمه الرجوع إلى الأصل ، وبالجملة ليس العمل بالأصل في عرض العمل بالدليل أو الظنّ ، بل في طوله ، لأنّ عدم وجود الدليل مأخوذ في موضوعه ، فيجوز في الرتبة الاولى أن يكون حكم العمل بالظنّ الإباحة ، فله أن يأخذ به ويدخل نفسه في موضوع من له دليل فيجب أن يعمل بدليله ، وأن لا يأخذ به ويدخل نفسه في موضوع من ليس له دليل ، فيجب عليه أن يعمل بالأصل ، وليس هذا تخييرا بين العمل بالظنّ وبين العمل بالأصل ، وإلّا لزم أن يكون من يباح له السفر مخيّرا بين القصر والإتمام والصوم والإفطار وهو متّضح الفساد.