التنجّز وصحّة العقاب عليه ، فإنّه يصح إنشاء الحكم متعلّقا بسائر المكلّفين العالم منهم والجاهل لحكمة مقتضية لذلك ، غاية الأمر قبح عقاب الجاهل على مخالفته دون العالم ، ويشهد بذلك صحّة الأمر الغائب كقوله : ليفعل زيد مع تحقّق التكليف حقيقة بنفس هذا الخطاب.
وما ذكره المستدلّ من إرجاع شرطيّة العلم إلى شرط القدرة بقوله وحيث لا علم لا قدرة على الامتثال.
ففيه ـ مضافا إلى منع رجوع شرط العلم إلى شرط القدرة على ما بيّن في محلّه ، من أنّ العلم لا يؤثّر في القدرة ، وانّ الجاهل بالمأمور به قادر عليه ، ولذا ربّما يفعله اتّفاقا لدواع أخر ، ـ انّا نلتزم باللازم وندّعي جواز تكليف غير القادر أيضا لو كان مشتملا على المصلحة ، ولا قبح فيه بعد فرض المصلحة.
فإن قلت : فعلى هذا البيان ما أورده صاحب الفصول من لزوم ثبوت الأحكام الواقعيّة بالنسبة إلى العاجز ينهض قائما بل يصحّ عليه القول بثبوت الأحكام الواقعيّة للمجنون وغير البالغ والعاجز كالجاهل طابق النعل بالنعل ، ويكون تنجّزها مشروط بالبلوغ والعقل والقدرة كما أنّه مشروط بالعلم
قلت : إن اريد من الملازمة معقوليّة ثبوت الأحكام الواقعيّة بالنسبة إلى غير القادر وغير البالغ والمجنون كما في الجاهل فلا نسلّم بطلان اللازم ، ونلتزم به ، وإن اريد ثبوت الأحكام الواقعيّة فعلا في حقّ العاجز فلا نسلّم لزومه ، والسرّ أنّ شرط البلوغ والعقل والقدرة قد اخذت في موضوع المكلّف شرعا وقد ثبت ذلك بالإجماع والنصوص الدالّة على رفع القلم عن فاقدها ، فكأنّ الشارع قال : يجب على البالغ العاقل القادر كذا ، ويحرم عليه كذا ، ويستحب كذا ، وهكذا ، وهذا بخلاف شرط العلم ، فإنّ قضيته شرطيّته بحكم العقل ، وهو لا يحكم باشتراط التكليف به إلّا في مقام التنجّز وصحّة العقاب عليه ، ونحن نقول به ، نعم قد يؤخذ العلم موضوعا وينتفي التكليف بانتفائه كمانعية استصحاب النجاسة المعلومة في الصلاة ونحوه من أمثلة