القطع الموضوعي ، كما أنّه قد يؤخذ التكليف غير مقيّد بالقدرة كما نقول به في المتزاحمين ، فإنّ الخطاب الواقعي بالنسبة إليهما فعلي ، غاية الأمر عدم صحّة العقاب على ترك أحدهما لمانع العجز دون الآخر ، ومن هنا نقول : لو كان أحدهما المعيّن أهمّ وجب مراعاته بحكم العقل والشرع بلزوم تقديمه على غير الأهم و [لو] خالف المكلّف بإتيان غير الأهمّ وترك الأهم كان ذلك صحيحا منه وممتثلا به ، وإن عوقب على ترك تقديم الأهمّ ، وهذا من أعظم الشواهد على أنّ سلب التكليف الواقعي عن غير القادر ليس من جهة القبح أو عدم المعقوليّة ، وإلّا لم يقع في هذه الموارد ، بل من جهة أخذ القدرة جزءا للموضوع شرعا كما ذكرنا.
ومما ذكرنا ظهر جواب الوجه الثالث أيضا وهو قبح أمر الآمر مع العلم بانتفاء الشرط ، توضيحه أنّه إن اريد به قبح التكليف الواقعي مع العلم بانتفاء شرط العلم فلا نسلّم ذلك ، لمنع كون العلم شرطا للتكليف الواقعي كما مرّ بيانه ، وإن اريد به قبح التكليف الفعلي المنجّز مع العلم بانتفاء شرط علم المكلف به فهو مسلّم ، إلّا أنّا لا نقول بثبوت التكليف الكذائي في حقّ الجاهل ، لأنّه معذور
١٩٣ ـ قوله : وقد تواتر بوجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل الأخبار والآثار. (ص ٤٤)
أقول : هذا إشارة إلى دليل وجود الحكم الواقعي بالمعنى المذكور بعد فرض معقوليّته وبطلان التصويب على ما مرّ بيان ذلك ، ونقول هنا أيضا في معقوليّته إنّا إذا رجعنا وجداننا نجد أنّه يجوز أن يخاطب السيّد عبيده جميعا بخطاب عامّ ويكلّفهم بشيء سواء العالم منهم والجاهل لمصلحة يقتضى ذلك ، ولا يعاقب الجاهل على المخالفة ، وإن ترتّب عليه فائدة القضاء والإعادة ، ولا قبح فيه بعد فرض كونه مقتضى الحكمة والمصلحة ، وفي وقوعه بعد فرض المعقوليّة أنّه يدلّ عليه الأخبار الكثيرة ولعلّها متواترة بالمعنى الدالّة على أنّ حكم الأوّلين حكم الآخرين ، وأنّ لله في كلّ