الواقعي.
أمّا عن الأوّل فبأنّ التكليف الواقعي ليس تكليفا مطلقا ، بل مشروط بعلم المكلّف به ، فحيث لا علم لا تكليف ، لكن شأنيّة التكليف متحقّقة في حقّه إذ ليست شأنيّته مشروطة بفعليّة العلم ، بل بشأنيّته ، وهذا التكليف الشأني لازم لما دلّ على فعليّة التكليف في حقّ العالم ، فإنّه إذا ثبت حكم في المكلف الواجد للشرط لزم منه ثبوته في حقّ الفاقد للشرط مشروطا بكونه واجدا له ، ولا حاجة إلى وروده في حقّ غير العالم بخطاب مستقلّ حتّى يلزم منه اللغو والعبث.
قال : وبهذا يظهر الجواب عن الوجه الثاني أيضا ، إذ التكليف المشروط بفعليّة العلم إنّما هو التكليف الحقيقي أعني التكليف الفعلي دون مطلق التكليف.
وأمّا عن الثالث فبأنّ البحث هناك عن الأوامر الاستقلاليّة دون اللازمة على وجه التبعيّة لخطابات أخر وتوضيح ذلك أنّ الشارع إذا أراد من العالم بالأحكام العمل بحسب مقتضياتها فقد أراد ذلك من الجاهل بها أيضا بشرط علمه بها ، بمعنى أنّ الجاهل لو صار عالما كان العمل بتلك المقتضيات مرادة منه.
ثمّ أورد على نفسه بقوله : فإن قلت : العلم شرط من شرائط التكليف كالقدرة ، فإذا كان التكليف المشروط بالعلم عند عدمه تكليفا واقعيّا وعدمه ظاهريّا ، كان التكليف المشروط بالقدرة عند عدمها تكليفا واقعيّا وعدمه ظاهريّا ، فيلزم أن يكون الحجّ مثلا واجبا واقعيّا في حقّ العاجز وغير المستطيع ، وغير واجب عليهما في الظاهر ، مع أنّ فساده ظاهر.
ثمّ أجاب عنه بما ملخّصه : إنّ لشرط العلم خصوصيّة يمتاز بها من بين سائر شرائط التكليف من البلوغ والعقل والقدرة ، وتلك الخصوصيّة هي أنه يصدق فوت الفعل في حقّ فاقد العلم ، فيترتّب عليه حكم القضاء ، بخلاف باقي الشرائط ثمّ أشار إلى ورود اعتراض على ما اختاره من تفسير الحكم الواقعي بالحكم الشأني المشروط بالعلم ، وحاصله أنّه يلزم على هذا عدم تعيّن الحكم الواقعي في واحد ، بل