فنقول : استدلّ للقول بالتصويب بوجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّ الله تعالى أخبر بكفر من لم يحكم بما أنزل الله وفسقه في قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(١) وقوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)(٢) فلو لم يكن كلّ مجتهد مصيبا كان المخطئ منهم كافرا وفاسقا ، لأنّ ما حكم به غير ما أنزل الله ، والثاني باطل بالإجماع فكذا المقدّم.
وفيه أوّلا : أنّه منقوض بالمخطئ بالنسبة إلى الأحكام التى عليها دليل قاطع ، لأنّهم وافقونا في القول بالتخطئة فيها.
وثانيا : أنّ ما أنزل الله أعمّ من الأحكام الواقعيّة والظاهريّة.
الثانى : قوله (صلىاللهعليهوآله) : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم [اهتديتم] ، فلو لم يكن جميع المختلفين من الصحابة مصيبا لم يكن الاقتداء بأيّهم هدى ، بل كان الاقتداء بالمخطئ منهم ضلالا.
وفيه أوّلا : منع صحّة الرواية ، بل الظاهر أنّه من الموضوعات (٣) ، وغرضهم من وضعها منع انحصار الهدى في متابعة عليّ (عليهالسلام) في مقابل قوله (صلىاللهعليهوآله) : أقضاكم عليّ (٤).
وثانيا : منع انحصار الهدى بالاقتداء بالأحكام الواقعيّة ، بل أعمّ منها ومن الأحكام الظاهريّة التي تثبت في الشرع وجوب متابعتها ولو تخلّف عن الواقع.
وثالثا : أنّ الظاهر من الخبر حجّية قول الصحابي في نقله عن النبيّ (صلىاللهعليهوآله) : لا حجّية رأيه في اجتهاده بقرينة التشبيه بالنجوم فإنّ النجوم جميعا مشتركة في إراءة الأمر الواحد ، فكذا الصحابة مشتركون في حكاية الحكم الواحد عن النبيّ ، والغرض توثيقهم ودفع اتّهامهم بالكذب.
__________________
(١) المائدة : ٤٥
(٢) المائدة : ٤٤
(٣) راجع الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة للسيد على الحسينى الميلانى ص ٩ ـ ٥٩
(٤) احقاق الحق : ٤ / ٣٢١ و ١٥ / ٣٧٠