الأنثى طبيعة [وغضّ الأنثى عن الرجل طبيعة] أخرى إحداهما تكليف الرجل
والاخرى تكليف المرأة فيكون الخنثى على هذا من باب الخطاب الإجمالي كالعلم بحرمة
هذا المائع أو حرمة هذه المرأة ويجرى فيه الوجوه الأربعة الماضية ، والمصنّف جعل
مطلق الغضّ طبيعة واحدة قد كلّف بها عامّة المكلفين إلّا أنّ متعلّق الغضّ هو
المرأة بالنسبة إلى الرجل والرجل بالنسبة إلى المرأة فيكون الخنثى مكلّفا بالغضّ
وذلك معلوم بالتفصيل ، ومتعلّقه معلوم بالإجمال كما في قوله : اجتنب عن النجس
المردّد بين الإناءين ، والأظهر في النظر أنّ الحقّ مع المتوهّم ، فلا توهّم ،
لأنّ انضمام كلّ قيد إلى الكلّي يجعله نوعا مغايرا لما قيّد بقيد مغاير للأوّل ،
فالغضّ من المرأة نوع كلّف به الرجال في قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا) ، والغضّ عن الرجال نوع آخر كلّفت به النساء في قوله : (لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ) كما أنّ الغضّ عن الاجنبيّة نوع والغضّ عن عورة الأخ
المؤمن نوع آخر ، ولا يمكن أن يقال إنّ الواجب مطلق الغضّ الجامع بينهما. ولا يخفى
أنّ تسمية المصنّف العلم بحرمة نظر الخنثى إلى أحد الطائفتين علما إجماليّا تارة
وعلما تفصيليّا اخرى لا تخلو من حزازة فافهم.
١٦١
ـ قوله : مع أنه يمكن إرجاع الخطابين إلى خطاب
واحد وهو تحريم نظر كلّ إنسان إلى كلّ بالغ لا يماثله. (ص ٣٧)
أقول قد يورد
عليه بأنّ عنوان المكلّف به الذي اخذ في لسان الدليل هو الذي يدور الحكم مداره لا
ينتزع منه ويمكن إرجاع الخطاب إليه.
ويمكن أن يجاب
بأنّ مراده انفهام ذلك العنوان العامّ من نفس الخطابين بعد ملاحظتهما جميعا
بالدلالة اللفظيّة ، ويكون كلّ خطاب منهما ناظرا إلى بعض مدلول
__________________