وكذا ما مرّ من دعوى الإجماع على الاحتياط ، فإنّ الإجماع في الموارد الخاصّة الفقهيّة فلا ينفع لإثبات القاعدة الكلّية قطعا بل يقتصر على مورد حصول الإجماع ، وان كان على القاعدة فهو ممنوع أشدّ المنع ، إذ المتعرّض للقاعدة بعنوانها جمع من متأخّري المتأخّرين ، وربما يستفاد من فحوى بعض المتأخرين بل المتقدّمين ، فمن أين يحصل من ذلك الاتّفاق الكاشف عن رضا المعصوم.
مضافا إلى أنّ القائلين بوجوب الاحتياط استند كلّهم أو جلّهم بمثل أخبار الاحتياط ، أو حكم العقل بوجوب الاحتياط أو عدم إمكان ترخيص ترك الاحتياط لأجل لزوم التناقض ، أو نحو ذلك ممّا قد عرفت الجواب عنها ، ومن المعلوم عدم حجّية مثل هذا الإجماع بعد العلم بفساد سند المجمعين.
نعم من يقول بحجّية الإجماع المنقول فهو في سعة من هذا الاعتراض فقد حكى نقل الإجماع على الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة المقرونة بالعلم الإجمالي كالشبهة التحريميّة أيضا ، فإنّ نقل الإجماع فيها موجود.
وكذا حال دعوى الإجماع في الشكّ في المانعيّة المقرونة بالعلم الإجمالي أي التحريم الغيري.
نعم دعوى الانصراف المذكور بالنسبة إليها في محلّة إلّا أنّ حديث الرفع على ما مرّ تقريبه كاف لإثبات المطلوب من عدم لزوم الاحتياط ، وبالجملة فالمسألة في غاية الإشكال ومراعاة الاحتياط لا ريب في أنّها أحوط.
ثمّ إنّه بناء على عدم وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة لا فرق بين الدماء والأعراض والأموال وغيرها لاشتراك الدليل نفيا وإثباتا ، وما حكاه المصنّف رحمهالله وغيره في رسالة أصالة البراءة عن البعض من الفرق بين الدماء والاعراض وبين غيرها فحكم بالاحتياط في الأوّل دون الثاني لا نعرف له وجها سوى توهّم شدّة اهتمام الشارع في الدماء والأعراض دون غيرها ، وهذا القدر لا يفيد بعد وجود أدلة البراءة على نحو العموم.