آخره ـ و «كلّ شيء فيه حلال وحرام» ـ إلى آخره ـ أيضا مختصّ بالشبهة التحريميّة ، ومثل «ما حجب الله علمه عن العباد» ـ إلى آخره ـ و «الناس في سعة ما لم يعلموا» ، وحديث الرفع ونحوها وإن كانت عامّة إلّا أنّه لا يبعد انصرافها عن الشبهة الوجوبيّة ، مضافا إلى أنّ الظاهر تحقّق الإجماع على عدم جواز المخالفة القطعيّة فيها.
وأيضا يختصّ ما مرّ من جواز المخالفة في الشبهة التحريمية بالحرام النفسي دون الغيري فلو علم بكون أحد الشيئين مانعا في صلاة واحدة أو صلاتين فيحكم بوجوب الاحتياط ، وتوهّم شمول أخبار البراءة لها مدفوع بما مرّ في الشبهة الوجوبيّة من عدم الشمول في بعضها ، والانصراف في بعضها الآخر ، مع ظهور الإجماع على الاحتياط.
فما اختاره المحقّق القمى رحمهالله تبعا للمحقق الخونساري من جريان أدلّة البراءة في الشبهة الوجوبية أيضا إلّا أن يدلّ دليل من نصّ أو إجماع بالخصوص على أنّ الواقع مطلوب ولو كان مشتبها معلوما بالإجمال.
في محلّ المنع لما ذكرنا ، ويلزمه أن يقول بالبراءة في الحرام الغيري أيضا لاشتراك الدليل ، إلّا أن يقول إنّ أخبار البراءة ظاهرة بحكم التبادر في نفي الحكم التكليفي النفسي فلا تشمل الغيري كالمانعيّة في المثال المذكور وهذه الدعوى في محلّه.
نعم لو تمسّك بحديث الرفع على رفع المانعيّة بناء على عدم اختصاصه برفع المؤاخذة ، ويدّعي دلالته على رفع جميع الآثار والأحكام تكليفا أو وضعا كما اخترناه في محلّه جاء الحكم برفع المانعيّة في الفرض المذكور.
أقول : الإنصاف أنّ ما اختاره المحقّق القمّي والخوانساري قويّ وما مرّ من دعوى انصراف عمومات البراءة إلى غير الشبهة الوجوبيّة مجازفة بيّنة للتسالم على شمولها للشبهة البدويّة الوجوبيّة فكيف تنصرف عن الشبهة الوجوبيّة المقرونة بالعلم الإجمالي ولا تنصرف عن الشبهة التحريمية المقرونة بالعلم الإجمالي ، وإن كان انصراف بالنسبة إلى المعلوم بالإجمال ففي الموضعين وإلّا فلا في الموضعين.