أقول : هذا التوجيه مجرّد احتمال لا يلتزمه المصنّف ولا غيره في شيء من الأمثلة سوى صاحب الحدائق في المشتبهين بالنجس ، ومذهبه باطل على ما هو محرّر في محلّه وأدنى ما يلزمه عدم حسن الاحتياط في الشبهة المحصورة فضلا عن الشبهة البدويّة ، لعدم وجود النجس الواقعي بين الأطراف واقعا ولعلّ ذلك خلاف الإجماع وإنّهم يقولون بحسن الاحتياط ، بل استحبابه حتّى في الشبهات البدويّة فافهم. نعم يمكن إجراء هذا التوجيه في مسألة واجدي المني الذي ائتمّ أحدهما بالآخر بتقريب آخر ما ذكره المصنّف ، بأن يقال إنّ المانع من صحّة صلاة المأموم علمه بحدث الإمام فمن جهل بحدث إمامه فصلاته صحيحة واقعا وإن كان الإمام محدثا كما هو كذلك في حكم فسق الإمام أو كفره وإن تبيّن فيما بعد ، إلّا أنّ ذلك يرجع إلى التوجيه الثاني ، لأنّ من لا يعلم بحدث إمامه حكمه الظاهري أن يبنى على طهارته ثمّ يفرض أنّ صحة صلاته مترتّبة على مثل هذه الطهارة الظاهريّة في إمامه. وأمّا ما ذكره المصنّف من كون المانع الحدث المعلوم تفصيلا من مكلّف خاصّ ثمّ فرّع عليه قوله : «فالمأموم أو الإمام متطهّران في الواقع» ففيه أنّه لو كان كذلك لزم صحّة صلاة كلّ من الإمام والمأموم واقعا حتّى لو تبيّن المحدث منهما بالنسبة إلى صلاة نفسه ، وهذا ممّا لا يلتزمه أحد من الفقهاء كما لا يخفى.
١٢٦ ـ قوله : الثاني أنّ الحكم الظاهري في حقّ كلّ أحد نافذ واقعا في حقّ الآخر. (ص ٢٩)
أقول : هذا التوجيه بظاهره فاسد إذ يلزم عليه أن يحكم بصحة صلاة المأموم العالم بحدث إمامه ، إذا كان الإمام محكوما بالطهارة في الظاهر في علم نفسه ، والأظهر أن يريد أن من يعلم الحكم الظاهري في حقّ أحد ينفذ واقعا في حقّه ، بأن يقال : إنّ من كانت صلاته صحيحة عند غيره فللغير أن يترتّب عليها آثار الصحّة الواقعيّة ، فيجوز له الايتمام. ولعلّ هذا مراد المصنّف ، وقد عبّر بنظير ما عبّرنا في أوّل عنوان المسألة ، و