هذا كلّه لو اريد بقصد الوجه المعتبر في صحّة العبادة الوجه الواقعي وأمّا لو اريد الوجه الفعلي الداعي للمكلّف على إتيان الفعل كما لا يبعد إرادته في كلام المتكلّمين فيمكن قصد الوجه في صورة الاحتياط اللازم وهو فيما لا يمكن تحصيل العلم أو الظنّ التفصيلي الثابت حجّيته بدليل الانسداد ، بل بغير دليل الانسداد أيضا إذا كان مفاد الدليل جواز العمل بالظنّ لا لزومه ، إذ مقتضى الدليل حينئذ وجوب العمل بالظنّ أو الاحتياط تخييرا ، فيمكن قصد الوجه الفعلي يعني وجوب التخييري في كلّ منهما في عرض واحد.
وحكي عن بعض الأساطين إمكان قصد الوجه الواقعي في الاحتياط بتقريب أن المتعذّر قصد الوجه معيّنا وهو غير لازم ، بل اللازم قصد أصل الوجه وهو ممكن ، فيقصد الواجب الواقعي الموجود فيما بين المحتملات لوجوبه فما هو متعذّر غير واجب ، وما هو واجب غير متعذّر.
والجواب : أنّ المراد من الوجه المعتبر عند من اعتبر قصده غير هذا المعنى الذي يجامع الاحتياط على ما ذكر ، لأنّ مرادهم على ما يستفاد من كلامهم أن كلّ عمل يوجد في الخارج يشترط في صحّته قصد وجه ذلك العمل مقارنا له ، مثلا لو تردّد الواجب بين الظهر والجمعة فلا يمكن إتيان الظهر أوّلا لوجوبه الواقعي ، ولا إتيان الجمعة ثانيا لوجوبه الواقعي ، لعدم العلم بالوجه في واحد من الفعلين. وبعبارة اخرى لو سئل في حال اشتغاله بالجمعة عن علّة هذا الفعل لما أمكنه أن يجيب بأنّي أفعله لوجوبه نعم يمكنه أن يقول أفعل ذينك الفعلين لوجوب واجب موجود في البين لا أعرفه بشخصه ، فإن أراد من يعتبر قصد الوجه أن الواجب الواقعي يجب أن يكون مقصودا لوجوبه كيف ما اتّفق ولو لم يكن مقصودا بهذا الوجه حين الفعل معيّنا كان له وجه إن ساعده دليل والله العالم.
١٠٩ ـ قوله : وأمّا لو توقّف الاحتياط على التكرار ففي جواز الأخذ به وترك