بتقريب أنّ المصلّي لو لم يكن مشغول الذمّة في الواقع لم يكن ما يأتي به صلاة صحيحة حتّى يصحّ الاقتداء به ، بل يكون لغوا مع أنّه لا بدّ في صحّة الاقتداء إحراز كون ما يفعله الإمام صلاة صحيحة ، فكيف يصحّ الاقتداء بهذا الإمام في هذا الفعل المردّد بين كونه صلاة أو عملا لغوا.
وجه الاندفاع أنّ ما يفعله الإمام مأمور به على كلّ تقدير ، لأنّه إن كان مشغول الذّمة واقعا فما يفعله صلاة صحيحة واقعا ، وإلّا كان مأمورا بإتيان هذا الفعل بالأمر الغيري ، فيصحّ من هذه الجهة ، لأجل هذا الأمر ، غاية الأمر عدم ترتّب الثواب عليه ، ولا كلام لنا من جهته ، وإنّما الغرض إثبات الصحّة ليتفرّغ عليه صحّة الاقتداء. نعم لو منعنا من كون أوامر الاحتياط يراد بها الحتم والإلزام ، وقلنا بأنّها من قبيل القسم الأوّل من الإرشاد تمّ ما ذكره القائل. فتدبّر.
٥٢ ـ قوله : نعم لو كان التجرّي على المعصية بالقصد إلى المعصية. (ص ١٢)
أقول : وفي بعض النسخ بدل قوله «نعم» بقوله «واما» ولم يتّضح ما أراده من هذا الاستدلال ، فيحتمل أن يكون مراده أنّه لو لم يتمّ الأدلّة المذكورة لحرمة التجرّي يمكن الاستدلال لها بظاهر الأخبار إذا كان التجرّي بمجرّد القصد لكن لا يلائم ذلك ما سيأتى منه من تسوية جميع أقسام التجرّي والتأمّل والتردّد فيها على نسق واحد. ويحتمل أن يكون مراده أنّه إن قلنا بحرمة التجرّي. يجب تخصيصه بغير ما كان بالقصد لا يترتّب عليه العقاب الفعلي بسبب العفو ، وإن كان مشتركا مع باقي الأقسام في أصل الاستحقاق.
وكيف كان نقول : لا ريب أنّ مناط حرمة التجرّي في حكم العقل جار في قصد المعصية الحقيقيّة ، بل قصد ما يعتقده معصية ولم يكن معصية ، سواء ارتدع عن فعل ما قصده بنفسه أو برادع خارجي ، ولو كان ذلك عدم القدرة عليه حين أراد أن يفعل ، وهكذا يجري المناط في ارتكاب مقدّمات المعصية الحقيقيّة أو الحكميّة إذ التجرّي