أيضا ، نظرا إلى ان السامع بعد سماعه يغفل عن التشخصات الزمانية والمكانية وغيرهما فيكون من باب إيجاد الكلي وإيداعه في نفسه بذاته ، ولو قيد بدال آخر لفهم الصنف منه كان من إلقاء الصنف.
وأنت خبير بان كون شيء فردا أو كليا تابع لواقعه ، ولا تناله يد الاعتبار ، والفرد الحقيقي لا يصير كليا ولو أغمض عن عوارضه الف مرة ، وأثر كل منهما من امتناع الصدق على كثيرين وعدمه تابع لنفس الأمر.
وبالجملة ان الصورة الحاصلة في ذهنه جزئيّ حقيقي وهي المعلومة بالذات ، ولها عوارض وتشخصات لا تسلب عنها بالغفلة فلا تصير في نفس الأمر كليا ـ نعم لو كان المراد من كليتها ان المخاطب بما انه غافل عن الخصوصيات يفهم من هذه الصورة المعلومة بالذات ، نفس الطبيعة بالعرض وينتقل إليها في المرة الثانية فهو حق لا غبار عليه ، ولكن جعل ذلك من باب الإلقاء امر غريب ، إذ لا يشذ ذلك عن الاستعمال والدلالة ، ولا مانع من ان يقال : ان اللفظ في قولنا ضرب فعل ماض حاك ودال على نوعه أو صنفه ، إذ ليست الدلالة والحكاية الا كون الشيء يفهم منه المعنى ويكون اللفظ الصادر آلة لإيجاد الصورة في الذهن ووسيلة لانتقال المخاطب منه إلى المراد أعني طبيعة اللفظ.
(فان قلت) يلزم من استعمال اللفظ في نوعه اتحاد الدال والمدلول لأن اللفظ المستعمل في نوعه اما ان يكون طبيعي اللفظ أو شخصه وعلى الأول يلزم الاتحاد وهو واضح وعلى الثاني يلزم ذلك فيما إذا كان الحكم شاملا لموضوع القضية الملفوظة مضافا إلى تباين الشخص مع الطبيعي لأنه مركب منه ومن التشخص والمركب من المباين مباين فعلى فرض الإمكان لا يصح الاستعمال للمباينة (قلت) ما ذكرت مردود أصله وباطل فرعه ، لأن اللفظ المستعمل انما هو شخصه لا طبيعته فيكون الشخص هو الدال ، واما المدلول فليس إلا نفس الكلي بما هو هو وبما انه يحك لا يدل على الافراد والخصوصيات التي ربما ينطبق عليها فارتفع اتحاد الدال والمدلول ـ وكون الكلي منطبقا على فرد كما مثله (قدسسره) لا يلزم ان يكون ذلك الفرد جزء لمدلول ذلك الكلي حتى يلزم الاتحاد فيما إذا كانت القضية شاملة لموضوع القضية إذ الدال هو الشخص والمدلول هو الطبيعي وشموله له لا يوجب كونه جزء المدلول بل هي الطبيعة المرسلة الخالية عن التكثر ـ وتخيل كون المباينة من موانع