الجميع ، يشترك مع اختلافها بالشدة والضعف في تحقق الحقيقة في كل واحد من المراتب ، عد ذلك الحقيقة من الحقائق المشككة واما كون خصوص مرتبة منها ذا مراتب بالفعل فأمر غير معقول فنقول بمثله في الوجوب فان معنى كونه ذا مراتب هو ان مرتبة منه ينتزع منه الوجوب ومن مرتبة أخرى الوجوب الأكيد ، ومن مرتبة ثالثة وجوب آكد منهما ، ومفهوم الوجوب يصدق عليها صدقا مشككا ، واما كون مرتبة خاصة منه ذا مراتب بالفعل مما لا يقول به من له أدنى إلمام بالاصطلاح (نعم) ينتزع من الوجوب ، الجواز والرجحان بالمعنى الأعم ولكن لا بمعنى وجودهما في ضمنه وجود الجزء من المركب في ضمن الكل بل بمعنى ان طبيعي الجواز والرجحان موجود بعين وجود الوجوب ، فالوجوب بهذا المعنى عين وجود الجواز والرجحان ، فهما باقيان ببقائه ذاهبان بذهابه قضاء للعينية (ثم) ان تطرق الشدة والضعف إلى الإرادة فانما هو في الإرادة الحيوانية والإنسانية لكون التطرق المذكور من شئون المادة وهما في أفعالهما ماديان ، ولكن لا يمكن ذلك في المبادي العالية ، فظهر ان الحق المتبع هو عدم إمكان بقاء الجواز والرجحان.
(الموضع الثاني) في مقتضى الأدلة بعد فرض إمكانه وفي دلالة الناسخ أو المنسوخ عليه وعدمها ربما يقال ان القدر المتيقن من دليل الناسخ انما هو رفع خصوص جهة الإلزام وفيما عداها يؤخذ بدليل المنسوخ ويحكم بمقتضاه باستحباب الفعل نظير ما إذا ورد دليل على وجوب شيء ودليل آخر على عدم وجوبه فكما انه يجمع بينهما ويؤخذ بظهور دليل الوجوب في مطلق الرجحان فليكن المقام كذلك (انتهى) ولكن التحقيق خلاف ما أفيد لما مر من ان الأمر ليس ظاهرا الا في نفس البعث واما الإلزام فانما يفهم من دليل آخر وهو حكم العقلاء على ان بعث المولى لا يترك بغير جواب وقد مر أيضا ان الأمر عندهم تمام الموضوع لوجوب الطاعة ، إلّا ان يقوم دليل على الترخيص (فحينئذ) فليس للأمر إلا ظهور واحد فمع قيام الدليل على النسخ لا يبقى له ظهور بل هذا هو الحال لو فرض ظهور في الإلزام وضعا ، إذ ليس له على كلا التقديرين الا ظهور فارد لا ظهورات حتى يبقى بعضها مع سقوط البعض كما هو واضح
(فان قلت) ان الطلب الإلزامي كما يكشف عن الإرادة الإلزامية يكشف على الرجحان الفعلي وعن أصل الجواز فإذا سقطت كاشفيته بالنسبة إلى الإلزام بقيت بالنسبة إلى غيره