(وبالجملة) ان الامتياز بين حصص نوع مع حصص نوع آخر ليس بالفصل المقوم فقط بل به وبالتقييدات الحاصلة من القيود اللاحقة المحصلة للحصص ، والامتياز بالفصل المقوم فقط انما يكون بين نوع ونوع آخر لا حصصهما (فتحصل) مما ذكرنا ان الأمر المتعلق بالطبيعي لا يمكن ان يسرى إلى الافراد ، ولا إلى الحصص التي تخيلت للطبيعي وليعذرني إخواني من تطويل هذا البحث (١).
فصل إذا نسخ الوجوب هل يبقى الجواز أولا ، والكلام يقع في مواضع الأول في إمكان بقائه وقد يدعى إمكانه عقلا بدعوى ان الوجوب وان كان بسيطا إلّا انه يتضمن مراتب عديدة وهي أصل الجواز والرجحان والإلزام فيمكن ان يرتفع بعض المراتب ويبقى الآخر وبما ان الوجوب حقيقة ذات تشكيك فلا حاجة في إثبات مرتبة بعد ارتفاع الأخرى ، إلى دليل على ضم الفصل فانه بعد ذهاب مرتبة منه يتحد قهرا مع الأخرى نظير الحمرة الشديدة التي تزول منها مرتبة فتبقى مرتبة أخرى انتهى
وفيه (اما أولا) فلان الوجوب انما ينتزع عند العقلاء من البعث الناشئ من الإرادة الحتمية ، وهو بما انه امر انتزاعي لا معنى لبقاء جوازه بعد ارتفاع نفس الوجوب ، وكون الشيء ذا مراتب ومقولا بالتشكيك انما هو في الحقائق الخارجية لا في الأمور الانتزاعية التي يقرب من الأمور الاعتبارية وان كان بينهما فرق محرر في محله و (ما يتوهم) من ان البعث يصدق على الإلزامي والاستحبابي صدقا تشكيكيا بمعنى ان التفاوت بنفس البعث كما ان الاشتراك فيه ، (مدفوع) بان التفاوت ليس بنفس البعث بل في منشئه الّذي هو الإرادة المظهرة (وثانيا) سلمنا كونه بسيطا وذا مراتب لكن لا يلزم منه إمكان ذهاب مرتبة وبقاء أخرى لأن كون الشيء ذا مراتب ليس معناه كون الوجود الشخصي بوحدته الشخصية ذا مراتب عديدة ألا ترى ان الوجود كما هو عند أهله ذات تشكيك وليس لازمه ان وجود الواجب أيضا ذات مراتب ، وهكذا وجود العقل بل معناه ان نفس الحقيقة إذا صدقت بعرضها العريض على افراد مختلفة ومراتب متفاوتة بالكمال والنقص ولكن
__________________
(١) لا يخفى ان بعض ما حررنا هاهنا قد استفدناه من سيدنا الأستاذ (دام ظله) في خارج حوزة درسه ، ولذا ترى المقام طويل الذيل مترامي الأطراف فشكر الله مساعيه الجميلة وأطال بقاء عمره وأدام صحة وجوده.