وربما يجاب عن الإشكال الأول أعني ترتب المثوبة بان الثواب جعلي وهو تابع للجعل فكما يجعل على نفس العبادات يجعل على مقدماتها (وفيه) ان ملاك الإشكال انما هو على مسلك الاستحقاق في الثواب وهو فرع كونه مأتيا للتقرب منه تعالى لا لأجل التوصل إلى غايات (وربما) يجاب عن الثاني كما عن بعض أهل التحقيق بان الأمر الغيري المتوجه إلى المركب ، ينحل إلى أوامر ضمنية غيرية فيكون ذوات الأفعال في الطهارات مأمورا بها بالأمر الضمني من ذلك الأمر الغيري ، وإذا أتى بها بداعي ذلك الأمر الضمني يتحقق ما هو المقدمة ويسقط الأمر الضمني المتوجه إلى القيد لحصول متعلقه قهرا انتهى ، (قلت) ما ذكره وان كان كافيا في دفع الدور إلّا انه لا يصحح عباديته ، إذ الأمر الغيري لا يصلح للداعوية (وربما) يقرر الدور على وجه آخر وهو ان الأمر الغيري لا يدعوا إلّا إلى ما هو مقدمة ، والمقدمة هاهنا ما يؤتى بها بدعوة الأمر الغيري فان نفس الأفعال الخاصة لم تكن مقدمة بأي نحو اتفقت فيلزم ان يكون الأمر داعيا إلى داعوية نفسه ، وأنت خبير بان التقرير المزبور هو عين ما تقدم في مبحث تعبدية الأوامر وتوصليتها وليس مخصوصا بهذا الباب وقد أشبعنا الكلام في رفع الشبهات هناك فراجع.
واما الإشكال الثالث فربما يصار إلى تصحيح عباديتها بالأمر الغيري أو النفسيّ المتعلق بذيها أو النفسيّ المتعلق بها نفسها ، والأخير لا محذور فيه بل يمكن إرجاع روايات الباب إليه كما احتملناه في مبحث الوضوء إلّا ان الّذي يبعده مغفولية هذا الأمر النفسيّ على فرض صحته عند المتشرعة لو كان هو المناط لعباديتها وما «ربما» يتوهم من امتناع اجتماع الوجوب الغيري والاستحباب النفسيّ في موضوع واحد بل يجب الحكم بتبدل الاستحباب بالوجوب مع اندكاك الملاك الاستحبابي في الملاك الوجوبيّ نظير اندكاك السواد الضعيف في السواد الشديد (مدفوع) بما سيأتي في النواهي من ان الأمر يقف على العنوان الّذي تعلق به ولا يتجافى عنه ولا يسرى إلى الخارج أصلا ، ضرورة انه ظرف السقوط لا العروض «فحينئذ» فموضوع الأمر الاستحبابي على فرض صحته هو نفس الغسلات كما ان الموضوع للأمر الغيري هو الوضوء الّذي تعلق به الأمر العبادي الاستحبابي بل التحقيق على ما سيأتي ان الأمر الغيري على فرضه انما يتعلق بحيثية ما يتوصل به إلى ذي المقدمة (فحينئذ) فامتثال الأمر الوجوبيّ عقلا ليس إلّا إتيان الوضوء بامره الاستحبابي وإلا لم يأت بما هو المتعلق (وما)