كل واحد واحد ، لا جرم يقع كل واحد في أفق النّفس مورد التصور ويتعلق به الإرادة لأجل غيره لا لأجل نفسه ، فيريد كل فرد فرد مستقلا لأجل المقصود الأسنى و (عليه) ففي الفوج المؤلف ملاك الإرادة النفسيّة لا الغيرية ، وفي كل واحد ملاك الإرادة الغيرية لا النفسيّة «فهناك» إرادة نفسية واحدة ، وملاك إرادات غيرية بحسب الافراد فيتعلق الإرادة الفاعلية
فان قلت ان هنا شيئا ثالثا وهو غير الفوج الّذي فيه ملاك النفسيّة ، وغير كل فرد فرد الّذي فيه ملاك الغيرية ، بل عبارة عن تألف هذا مع الآخر أعني اثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة من الافراد «فهل» فيه ملاك الإرادة أو لا «قلت» قد عرفت ما هو الملاك للإرادة في صدر البحث ، وما ذكر ليس فيه ملاك النفسيّة كما هو واضح ، ولا الغيرية لعدم توقف العسكر عليهما زائدا على توقفه على الآحاد (والحاصل) ان زيدا موقوف عليه بنفسه وعمراً موقوف عليه رأسا بالضرورة لكن زيدا وعمراً لا يكونان موقوفا عليهما مقابل زيد منفردا وعمرو مستقلا
وقس عليه المركبات الصناعية أعني ماله وحدة خارجية في نظر أهل الفن وغيرهم ، فإذا كان الغرض قائما بمركب صناعي كالبيت فيخطر بباله إيجاده وإحداثه فإذا وقف على توقف البيت على الأحجار والأخشاب. فلا محالة يدرك فيهما ملاك الغيرية ، فيريد كل واحد لأجل تحصيل الغير ، ففي المصنوع ملاك النفسيّة ، وفي كل واحد ملاك الغيرية «هذا كله» حال الإرادة الفاعلية. ويستوضح منها حال الأمرية ، فيقال ان الإرادة الأمرية المتعلقة بماله وحدة صناعية أو اعتبارية ، فهل هي ملازمة لإرادة ما رآه مقدمة من غير فرق بين الداخلية والخارجية ، و «توهم» ان ما هي المقدمة هي عين ما تعلقت به النفسيّة فكيف تتوارد الإرادتان على امر واحد «مدفوع» بان ما هي المقدمة بالحمل الشائع ليس نفس الاجزاء مجتمعة إذ هو مصداق لذيها بل كل جزء جزء مما أدرك المولى انه موقوف عليه ، والخلط انما هو لأجل تخيل ان المقدمة هي الاجزاء بالأسر ، مع انك قد عرفت ان هنا مقدمات لا مقدمة واحدة
ثم ان ما ذكرنا هنا لا ينافى مع ما أشرنا إليه سابقا من ان الداعي إلى إتيان الاجزاء عين الإرادة المتعلقة بالكل ، ولا تحتاج إلى إرادة أخرى «لأن» الغرض هنا بيان إمكان تعدد الإرادة بتعدد متعلقهما ودفع ما يتوهم كونه سببا للاستحالة.